عن الفحشاء والمنكر إمّا أنّها توجب القرب الروحاني فينتهي المرء بسببها ، أو أنّ معناها أنّها مشروطة بشروط فإذا أراد الإنسان الإتيان بها بشروطها فلا بدّ أن لا يغصب لتقع صلاته في ثياب غير مغصوبة وفي مكان غير مغصوب ، وأن يؤدّي الحقوق الشرعيّة ؛ لعدم صحّة الصلاة في ثيابه التي هي متعلّق لحقّ الفقراء ، ويجتنب النجاسات من الخمر والميتة وأشباهها ؛ لاشتراط الصلاة بالطهارة من الخبث ، فافهم.
ومن الغريب ما ذكره بعض الأعاظم (١) من أنّ استحالة أخذ الجامع بين مقولتين وإن أوجب استحالة الجامع بين الماهيّات ، فلا يمكن تحصيله في الماهيّة إلّا أنّه يمكن تحصيله من ناحية الوجود ، فإنّه جامع بين جميع الوجودات ، فبالتضييق يمكن أن يصوّر به الجامع.
وجه الغرابة أولا : أنّ الصلاة من قبيل الماهيّات فلا معنى لجعل جامعها الوجود.
وثانيا : أنّ الوجودات في الصلاة متعدّدة ومختلفة ، فإنّ التكبير وجود والقراءة وجود والنيّة وجود وهكذا ، فيعود المحذور ؛ لأنّ هذه الوجودات يستحيل الجامع بينها لما تقدّم من كونها مقولات متعدّدة ، مضافا إلى أنّه ما هو الجامع الحقيقي بين هذه الوجودات الاعتباريّة؟
وبالجملة ، فقد انقلبت الدعوى وصار تصوير الجامع على الصحيح مستحيلا عكس ما ذكر من أنّ تصويره على الأعمّ مستحيل ، فافهم وتأمّل.
وربّما ذكر بعض مشايخ أستاذنا المحققين (٢) تصويرا للجامع من غير ناحية الأثر على الصحيح بتقريب أنّ هناك أشياء مهملة الذات من جميع الوجوه والخصوصيّات إلّا من جهة واحدة ، كما في الخمر فإنّه اسم للمسكر ـ كان قليلا أم كثيرا متخذا من الحنطة أم الشعير أم الزبيب أم غيرها ـ فهو مهمل من جميع الجهات
__________________
(١) انظر نهاية الدراية ١ : ٩٩.
(٢) نهاية الدراية ١ : ١٠١ ـ ١٠٢.