الأولى : صدق اللفظ على الخارج ، فلو شكّ في صدقه على الفرد لا مجال للتمسّك به. مثلا إذا قال : ائتني بماء ، فلفظ ماء بإطلاقه شامل للحارّ والبارد والحلو والمرّ ، مثلا لكن بعد إحراز كونه ماء ، فلو شكّ فيه مفهوما كماء الزاج والكبريت فإنّه يشكّ في كونه ماء ؛ لعدم إحراز صدق مفهوم الماء عليه ، أو شكّ فيه مصداقا كأن شكّ أنّه ماء أو لبن مثلا فلا يمكن التمسّك بالإطلاق في المقام.
وله مقدّمات اخرى مثل : كون المولى في مقام البيان لا الإهمال والإجمال. وعدم القرينة على إرادة البعض. وعدم القدر المتيقّن على القول به وغيرها من المقدّمات. وحينئذ فإذا تمّت هذه المقدّمات وتبيّنت لك عرفت عدم إمكان التمسّك بالإطلاق على الصحيح ؛ للشكّ في صدق الصلاة حينئذ. وليس لأخذ مفهوم الصحيح فيه ، بل لأنّ المسمّى حينئذ لم يحصل. بخلافه على الأعمّ ، فإنّ اللفظ يصدق على المشكوك حينئذ فينفى الزائد الذي يشكّ في اعتباره وعدمه بالإطلاق.
فما ذكره بعضهم ـ يعني بعض الأساطين (١) ـ من أنّ التمسّك بالإطلاق لا يصحّ على الصحيح إذا أخذ فيه وصف الصحّة قيدا أو تقيّدا ، ولا يقول به الصحيحي فيجري التمسّك بالإطلاق حتّى على الصحيح.
لا يخفى عليك ما فيه ، فإنّ وصف الصحّة غير مأخوذ على الصحيح أصلا لا قيدا ولا تقيّدا ، وليس عدم التمسّك بالإطلاق لذلك ، بل للشكّ في صدق الصلاة حينئذ ؛ إذ مفهومها مجمل وإنّما أخذناه بالإشارة إليه ، وقد ذكرنا أنّ صدق المطلق على الفرد المأتيّ به أوّل مقدّمة من مقدّمات التمسّك بالإطلاق المقامي.
فقد ظهر أنّه على الصحيح لا يمكن التمسّك بالإطلاق في نفي الجزء المشكوك جزئيّته ، وهذا بخلافه على الأعمّ في غير الأجزاء التي هي دخيلة في التسمية ، فلو شكّ في وجوب السورة وعدمها يمكن التمسّك بالإطلاق في نفي وجوبها.
__________________
(١) لم نعثر عليه بعينه ولعلّه يستفاد من كلام الشيخ في الفرائد ٢ : ٣٤٢ ـ ٣٤٣.