قطعا ، فلا بدّ من بطلان عقد واحدة منهما معيّنة أو غير معيّنة أو بطلان عقدهما معا ، وحيث إنّ بطلان عقد واحدة بلا تعيين إن اريد به تخيير الزوج فلا دليل عليه ، وإن اريد به واحدة لا بعينها في الواقع فلا وجود لها ، وبطلان عقد واحدة معيّنة ترجيح بلا مرجّح فيبطلان معا حينئذ ، فلو فرضنا أنّ الزوجة وامّها من هذا القبيل لزم بطلان عقدهما معا بانتهاء الرضاع ؛ لعين ما ذكر ، ولكنّ الظاهر أنّ الحرمة ليست بينهما من جهة الجمع.
الثاني من الأمرين : أنّه كما ذكرنا بناء على انصراف المشتقّ إلى المتلبّس كما هو الظاهر لا بدّ من تحقّق عنوان أمّ لزوجة فعليّة وعنوان بنت لزوجة فعليّة ، ولازمه أنّه لو كانت له زوجة وطلّقها وبعد انقضاء العدّة تزوّجها شخص آخر فأولدها بنتا ، لازم ما ذكرنا أنّه يجوز للزوج الأوّل أن يتزوّجها يعني يتزوّج البنت ؛ إذ إنّها ليست بنتا للزوجة الفعلية له ، وكذا لو حدث لها رضاع لبنت بعد مفارقته بلبن غيره ؛ إذ هي ليست بنتا رضاعية لزوجته ؛ إذ قد خرجت هذه عن كونها زوجته ، ولكن هذا لا يلتزم به أحد من الفقهاء ، فالإجماع قائم منهم على أنّ الزوجيّة متى تحقّقت في آن من الآنات حرمت بنتها السابقة على التزويج واللاحقة له ، والظاهر أنّ الزوجة متى تحقّقت زوجيتها حرمت أمّها أيضا السابقة نسبا ورضاعا واللاحقة رضاعا أيضا ، ولا يعقل أن تكون لها أمّ لاحقة نسبا ، فقيام الإجماع دليل على كفاية التلبّس بالزوجيّة آناً ما في تحريم امّها وبنتها نسبا ورضاعا.
إذا عرفت هذين الأمرين فنقول :
أمّا الكلام في الصورة الاولى وهي التي لم يتحقّق فيها دخول أصلا إذا فرضنا الحرمة من باب حرمة الجمع بين الأمّ والبنت كما فيما بين البنتين فالظاهر أنّه لا يكون بينهما إلّا بطلان العقد فقط ؛ لأنّه بمجرّد انقضاء ما يعتبر في الرضاع بطل العقدان معا ؛ لما قدّمنا من استحالة بقائهما والواحد الغير المعيّن لا معنى له والمعيّن ترجيح من غير مرجّح ، ولم تتحقّق زوجيّة مع امومة أو بنتية ؛ لأنّ بمجرّد تحقّق الأمومة والبنتيّة بطل العقدان ، فلم يمض أنّ المرضعة أمّ ولا المرتضعة بنت إلّا وليستا زوجتين.