كما أنّه يصحّ الاستدلال بصحّة السلب عن المنقضي عنه المبدأ ، وهذا الدعوى أيضا سهلة الإثبات ؛ لما تقدّم من كون الوضع النوعي لا يختصّ بلغة دون لغة. وهذان الدليلان يعني التبادر لخصوص المتلبّس وعدم صحّة السلب عنه ـ بناء على ما اختاره المحقق الشريف (١) والدواني (٢) وجملة من المتأخّرين منهم الميرزا قدسسره (٣) من بساطة مفهوم المشتقّ وأن لا فرق بينه وبين المبدأ إلّا بالاعتبار يعني اعتبار اللابشرطية وبشرط لا كما سيأتي ـ في غاية الوضوح ؛ إذ المفهوم البسيط ينتفي بانتفاء المبدأ وإن بقيت الذات ، وأمّا بناء على التركيب وأنّ معنى المشتقّ الذات المبهمة المتّحدة مع القيام مثلا فكذلك ؛ لأنّ المبدأ هو الركن الموجب لتحقّق الاتّحاد مع المبدأ وبانتفائه لا يتحقّق ذلك. فقد ظهر أنّ دعوى تبادر خصوص المتلبّس وعدم صحّة السلب عنه على كلا التقديرين.
وربّما يقال : إنّ التبادر مفقود وأمّا هذا فهو انصراف إلى بعض أفراد الحقيقة ، فلا يحقّق انحصار المعنى الحقيقي بخصوص المتلبّس.
وجوابه أوّلا : أنّ المقصود لنا ـ كما مرّ مرارا ـ هو انعقاد ظهور اللفظ في معنى ، فمع تحقّق الانصراف ينعقد الظهور ، ولا أثر يترتّب على معرفة خصوص ما وضعه الواضع الأوّل في لغة العرب.
وثانيا : أنّ استعمال المشتقّ في المنقضي كثير جدّا ، غاية الأمر كما أنّ القائل بالوضع لخصوص المتلبّس يدّعي أنّها مستعملة بلحاظ حال التلبّس ، والأعمّي يدّعي أن لا فرق بين الاستعمال بلحاظ حال التلبّس أو الأعمّ ، فما هو الموجب حينئذ لانصراف خصوص المتلبّس.
__________________
(١) نسبه إليه في بدائع الأفكار : ١٧٤ عن حواشيه على شرح المطالع.
(٢) لم نقف عليه.
(٣) أجود التقريرات ١ : ٩٧ ـ ٩٨.