وقبل الخوض في ذلك لا بدّ من بيان معنى البساطة والتركيب اللذين هما محلّ الكلام فنقول :
المراد من التركيب أنّه بالتحليل العقلي ينحلّ إلى أكثر من شيء واحد.
والمراد من البساطة عدم الانحلال حتّى بالتعمّل العقلي إلى شيئين ، بل لا يتصوّر منه إلّا ما يتصوّر من إطلاق لفظ المبدأ غير أنّ بينهما فرقا اعتباريّا كما سيأتي ، بخلاف القول بالتركيب فإنّه ينحلّ إلى شيء له المبدأ.
وبهذا ظهر أنّ صاحب الكفاية قدسسره وإن عبّر باختيار بساطة مفهوم المشتقّ وظاهر كلامه أوّلا دال عليه إلّا أنّه أخيرا صرّح بأنّ البساطة التي يختارها لا تنافي الانحلال بالتعمّل العقلي (١) وهذا هو القول بالتركيب ، فافهم.
ثمّ إنّ ما ذكره السيّد الشريف في الشقّ الثاني من أنّ أخذ المصداق في مفهوم المشتقّ باطل صحيح لا لأنّه يلزم انقلاب الممكنة إلى ضرورية ، بل من جهة أنّ أخذ الذات في مفهوم المشتقّ يلزم منه :
إمّا الاشتراك في كلّ لفظ من ألفاظ المشتقّات ؛ إذ الذات تارة تكون ذات إنسان ، واخرى ذات جدار ، وثالثة ذات شجر وهكذا ، بل جزئيات الإنسان أيضا كغيره غير متناهية فنحتاج الوضع الغير المتناهي ؛ لتباين الذوات.
وإمّا القول بأنّ المشتقّ موضوع بالوضع العامّ والموضوع له الخاصّ وليس كذلك قطعا ؛ إذ صدق القائم على الأفراد كصدق الإنسان على أفراده. هذا كلّه على تقدير صحّة ما ذكره صاحب الفصول قدسسره (٢) فهذا الشقّ باطل.
بقي الكلام في الشقّ الأوّل وهو أخذ مفهوم الشيء في المشتقّ ، وقد اورد عليه بثلاث إيرادات :
__________________
(١) كفاية الاصول : ٧٠ ـ ٧٤.
(٢) راجع الفصول : ٦١.