فيلزم أن يكون عندنا أكل نفسي وشرب نفسي ونوم نفسي ... وهكذا ، وهذا لا يلتزم به الأشاعرة أصلا.
الثالث : اتّصاف الله بالمتكلّم كما ورد في الدعاء وصفه بالمتكلّم بل وبالقرآن في قوله : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً)(١) وحيث إنّ صفاته عين ذاته فلا يمكن أن تكون صفاته حادثة وذاته قديمة ، فلا بدّ من كون الصفات قديمة ، فلا بدّ من التزام أنّ هناك كلاما نفسيّا قديما بقدمها ، والاتّصاف بالمتكلّم إنّما هو بلحاظها. وذكروا في القرآن الذي هو كلام الله نظير ذلك ، والتزموا بأنّ في نفس الله كلاما نفسيّا على طبق هذا القرآن الخارجي.
والجواب أوّلا : أنّ (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) إذا كانت التكلّم قديما فلا بدّ من كون موسى قديما أيضا ؛ إذ الكلام القديم إنّما يكون مع القديم.
وثانيا : فيلزم أن يكون له رزق قديم وخلق قديم وغيرها من صفاته ، إذ هي كلّها صفات الله تعالى.
وبالحلّ ثالثا : وذلك أنّ صفات الله على قسمين :
ـ صفات الذات : وهي التي تتّصف بها الذات مع قطع النظر عن وجود شيء وعدمه وهذه ترجع إلى صفة العلم والقدرة ، والحياة منتزعة منهما ؛ إذ كلّ عالم قادر حيّ ، فالذات متّصفة بالعلم حيث لا معلوم وبالقدرة حيث لا مقدور ، وهذه الصفات هي عين الذات وهي قديمة بقدمها.
ـ والقسم الثاني صفات الفعل : وهذه هي المنتزعة عن مقام الفعل ، وهذه ليست عين الذات وهي حادثة بحدوث الفعل الذي تنتزع عن مقامه ، وحينئذ فليست هذه الصفات عين الذات فلا مانع من كونها حادثة ولا يلزم لازم باطل من ذلك ، والتكلّم منها.
__________________
(١) النساء : ١٦٤.