الملقى على الأرض ، فإنّ علّة إلقائه هي السبب في بقائه فبقاؤه لا يحتاج إلى مؤثّر يؤثّر البقاء. وسيأتي تفصيل البحث في هذا الكلام.
ولنذكر أيضا مثالا للأمر بين الأمرين : مثلا لو اصيب رجل بالفلج بحيث لا يقدر على الحركة أصلا ، فوصلت به القوّة الكهربائية من شخص يستطيع قطعها وإبقاءها موصولة به ، فبسبب هذا الاتّصال قوي على الحركة فقام بإرادته واختياره حتّى أتى زيدا فقتله والقوّة الكهربائيّة المحقّقة لقدرته على التحرّك والقتل بعد متّصلة به من دون أن يقطعها الموصل لها به القادر على قطعها عنه في كلّ آن من آنات حركته ، فإنّه يصحّ أن يسند القتل إلى هذا المباشر وأن يسند إلى ذلك الموصل للقوّة الكهربائيّة بهذا المباشر ، فالفعل الذي يصدر من العبد باعتبار صدوره عن إرادته واختياره يكون عملا اختياريا له وإن كان هذا العمل الاختياري له يصحّ أن يسند إلى الله باعتبار أنّ الله مفيض للوجود والقدرة عليه في كلّ آن من آنات عمله ، بحيث لو أراد أن لا يعمل يسلب عنه القدرة أو الوجود فلا يعمل ، كقاطع تيّار الكهرباء عن المفلوج ، وهذا هو معنى قولهم عليهمالسلام : «لا جبر ولا تفويض بل هو أمر بين هذين الأمرين» (١) فافهم هذا المدّعى (*).
ثمّ يقع الكلام في البراهين ، ولنتكلّم أوّلا في قول الأشاعرة الذي ذهب إليه أبو الحسن الأشعري (٢) ـ المنتهى نسبه إلى أبي موسى الأشعري ـ فنقول لهم :
__________________
(١) الكافي ١ : ١٦٠ ، الحديث ١٣.
(*) ورد في هامش الأصل زيادة من دون إيعاز إلى موضعها ، وهي ما يلي : وليس المقصود أنّ الله تعالى قادر على إيجاد المانع من فعل العبد بنفسه ؛ لأنّ هذا الأمر لا ينكره المفوّضة أيضا ، ولا يصحّ نسبة الفعل إلى من لم يوجد المانع عن فعل غيره ثانيا ، بل المراد أنّ الله تعالى هو الموجد للمقتضي للفعل ، فإنّ من مقتضياته الحياة والقدرة والشعور مثلا ، صحّ.
(٢) راجع شرح المواقف ٨ : ١٤٥ ـ ١٤٦.