نظير «الدين» الذي اعتبره العقلاء ، وقد اطلق على بعض الواجبات لفظ «الدين» في بعض الأخبار ، فتكون الصيغة موضوعة لإبراز ذلك الاعتبار النفساني الذي اعتبره المولى في ذمّة المكلّف.
ودعوى كونها حقيقة في إبراز الشوق ـ كما عن بعض (١) ـ يدفعها استعمالها في الواجبات المشروطة التي لم يتحقّق شرطها ، فلا شوق في المقام لتبرزه. ودعوى وجود الشوق فعلا يخرجه عن المشروط الذي هو محلّ الفرض والنقض إلى المعلّق. مضافا إلى أنّ الظاهر أنّ الحكم أمر قابل للوضع والرفع شرعا والشوق ليس قابلا لذلك أصلا ؛ إذ هو أمر واقعي.
وبالجملة ، فالصيغة موضوعة لإبراز ذلك الاعتبار النفساني ، فاستعمالها في إبرازه حقيقة واستعمالها في إبراز غيره من السخرية وشبهها مجاز ، وفي جميع المعاني التي ذكرت للصيغة ـ من التهديد والتعجيز والتسخير وغيرها ـ استعمالها مجازيّ ، لعدم تحقّق استعمالها في معناها ، وهو إبراز اعتبار شيء في ذمّة المكلّف. مضافا إلى استحالة الجامع بين هذا الاعتبار والتهديد.
ثمّ إنّ الكلام يقع في بيان معنى الوجوب والاستحباب ليظهر أنّ ذلك الاعتبار الذي وضعت الصيغة لإبرازه واف بمعنى الوجوب أو الاستحباب؟
فنقول : ذكر صاحب المعالم قدسسره (٢) : أنّ الوجوب عبارة عن طلب شيء والمنع عن تركه وأنّ الاستحباب طلب شيء والإذن في تركه. وقد أورد عليه المتأخّرون (٣) :
__________________
(١) لم نقف عليه.
(٢) يستفاد ذلك من تضاعيف كلماته ، انظر المعالم : ٤٩ ، ٦٦ ، ٨٩ ، ونسب هذا المعنى في أجود التقريرات ١ : ١٤٣ ، إلى متقدّمي الأصحاب.
(٣) مثل المحقّق الأصفهاني في الفصول : ٦٥ ، وأخيه المحقّق في هداية المسترشدين ١ : ٦٠٧ ، والكلباسي في الإشارات ، الورقة ٤٣.