وبالجملة ، فالصيغة إنّما تبرز ذلك الاعتبار النفساني ، فإذا اقترن إبراز ذلك الاعتبار بعدم المرخّص في الترك ينتزع الوجوب حينئذ ، وإذا اقترن إبراز ذلك الاعتبار بالمرخّص في الترك ينتزع الاستحباب ، فكلّ من الوجوب والاستحباب خارجان عن معنى الصيغة ، إلّا أنّ الصيغة دالّة عليهما بضميمة عدم الترخيص أو الترخيص.
وقد ظهر بما ذكرنا : أنّ الدلالة على الوجوب ليس بحكم العقل ـ كما ذكره الميرزا النائيني قدسسره (١) ـ بل بالدلالة من نفس الصيغة بضميمة عدم ذكر المرخّص.
ويترتّب على ما ذكرنا من معنى الوجوب امور :
أحدها : أنّه لا مجال لما ذكره صاحب المعالم (٢) من كونها حقيقة في الوجوب ومجازا مشهورا في الندب وما يتفرّع على ذلك ، ولا مجال لاحتمال كونها مشتركة اشتراكا لفظيّا بين الوجوب والندب أو معنويا ، فإنّ ذلك كلّه منفيّ بما ذكرنا.
وثانيها : أنّه لا مجال لما ذكره في الكفاية (٣) من كون الصيغة حقيقة في الوجوب أو أنّها منصرفة إليه.
ثالثها : أنّه إذا استعملت الصيغة في اعتبار أشياء بنحو المجموع كما في قوله : «لا صلاة إلّا بأذان وإقامة» فورود الترخيص بترك الأذان يكون ترخيصا في مخالفة ذلك الاعتبار المتعلّق بالمجموع ؛ إذ الترخيص في ترك بعض ما تعلّق الاعتبار به كاشف عن أنّ ذلك الاعتبار الواحد لم يقترن بعدم المرخّص بل اقترن به ،
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٤٤.
(٢) المعالم الدين : ٤٦ و ٥٣.
(٣) كفاية الاصول : ٩٢.