الصورة الثانية : ما إذا قام عمرو بالعمل بقصد النيابة عن زيد ، فإن قلنا بمقالة الميرزا النائيني قدسسره : من أنّ الأمر يختصّ بالمقدور وأنّ القدرة شرط للتكليف فلا ريب في أنّ القاعدة تقتضي عدم السقوط ؛ إذ الأمر إنّما توجّه نحو الفعل المقدور وفعل الغير غير مقدور للمكلّف فإجزاؤه عن المأمور به يحتاج إلى دليل وإلّا فالأمر باق ؛ إذ لم يمتثل بعد ، وكفاية نيابة الغير تحتاج إلى دليل.
وإن لم نقل بما ذكره الميرزا قدسسره وقلنا بأنّ الأمر يتوجّه نحو مطلق الطبيعة بجامعها بين المقدور وغيره وأنّ القدرة معتبرة شرطا عقليّا في مقام الامتثال فإن كان الدليل لفظيّا مطلقا فلا ريب في أنّ مقتضى إطلاقه وإن كان عدم اعتبار القدرة فيه نظير الصدور بإرادة واختيار ، إلّا أنّ ظهور الأمر اللفظي بالمباشرة ممّا لا ينكر ، فيفارق الجهة الاولى ؛ إذ الصدور فيها كان مباشريا غير أنّه قهريّ ، أمّا في المقام فالمفروض قيام الغير به بقصد النيابة فلا مباشرة أصلا ، فمقتضى ظهور الدليل اللفظي اعتبار المباشرة. وإن لم يكن للدليل ظهور بالمباشرة ـ بأن كان الدليل مجملا لفظيّا أو كان إجماعا ـ فمقتضى الأصل العملي البراءة ؛ إذ اعتبار خصوص المباشرة مشكوك فتجري فيه أصالة البراءة من التكليف بهذه الخصوصيّة ، فافهم.
الجهة الثالثة : أنّه لو أتى المكلّف بتكليفه مباشرا مختارا في إتيانه غير مجبور عليه ولكنّه أتى به في ضمن فرد محرّم ، فتارة يكون الإتيان به ملازما للمحرّم ، واخرى يكون متّحدا معه ، ففي الصورة الاولى تبتني المسألة على مسألة اجتماع الأمر والنهي ، فإن قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي وأنّهما شيئان انضمّ أحدهما إلى الآخر فلا إشكال في سقوط التكليف ، لتحقّق متعلّقه. وإن قلنا بعدم جواز الاجتماع للاتّحاد والسريان فتكون داخلة في الصورة الثانية ـ وهي صورة كون الفرد المحرّم متّحدا مع الواجب ـ والحكم فيها عدم السقوط ؛ لأنّ الفرد المتّحد مع المحرّم لا أمر به قطعا ، فيبقى الأمر حينئذ غير ممتثل فإطلاقه حينئذ يقتضي الإتيان بمتعلّقه ولو لم يكن له