بمنطوقه ؛ إذ لا يعقل البعث نحو غير المقدور. أو أنّها من شرائط تنجّز التكليف وأنّها إنّما تعتبر في موضوع التكليف عقلا. وبهذا المبنى يصحّ دعوى كفاية الملاك في مبحث الضدّ لو لم نقل بالترتّب ، وإلّا فالمأمور به هو خصوص المقدور ، فإجزاء غيره عنه بدعوى كونه واجدا للملاك إنّما يتمّ إذا احرز الملاك ، ولا يحرز الملاك إلّا إذا كان الأمر متوجّها نحو الطبيعة الجامعة بين المقدور وغيره ، وإلّا فمن أين يحرز وجود الملاك؟ وسيأتي في مبحث الضدّ توضيحه إن شاء الله تعالى.
الجهة الثانية : أنّ التكليف إذا توجّه نحو العبد ، فهل يقتضي صدوره منه بالمباشرة أم لا يقتضي ذلك؟
فنقول : إنّ قيام الغير بالعمل يتصوّر بصورتين :
إحداهما : أن يقوم بذلك العمل لا بقصد النيابة عمّن توجّه التكليف إليه ، كأن يتوجّه التكليف نحو زيد بالضرب فيضرب عمرو ، فمقتضى إطلاق الأمر المتوجّه لزيد بقاء متعلّقه فيدعو إلى متعلّقه ؛ إذ إنّ «اضرب» مطلقة سواء قام عمرو بالضرب أم لم يقم ، فإطلاقها يقتضي البقاء في ذمّة زيد ، ولو لم يكن لها إطلاق فالاستصحاب يقتضي البقاء في ذمّته ، فإنّه قبل أن يأتي عمرو بالضرب كانت ذمّة زيد مشغولة ، ومقتضى الاستصحاب بقاء الشغل لو جرى الاستصحاب في الأحكام الكلّية ، وإلّا فقاعدة «أنّ الشغل اليقيني محتاج إلى الفراغ اليقيني» يقتضي لزوم الإتيان به. ولو قام دليل في مثل الفرض على السقوط فلا يتصوّر إلّا بكون الواجب مشروطا بعدم إتيان غير زيد بالضرب ، وفي المقام لم يتحقّق شرط التكليف ، فإذا كان الشرط شرطا لحدوث التكليف فتخلّفه بعد ذلك كاشف عن عدم التكليف ، ولو كان شرطا لبقاء التكليف فتخلّفه كاشف عن عدم البقاء ، فلو شكّ في تخلّفه فالاستصحاب يقتضي البقاء للتكليف ، فافهم. أو بكون الوجوب كفائيا (١) وكلّ منهما خلاف إطلاق الأمر ، كما سيأتي.
__________________
(١) عطف على قوله : فلا يتصوّر إلّا بكون الواجب.