واختيار ، فنفس الأمر يقتضي القدرة في متعلّقه وكونه بالإرادة والاختيار ، فالطلب إنّما يتوجّه نحو خصوص ما كان صادرا بإرادة واختيار ، فإجزاء غيره عنه يحتاج إلى دليل ، فإنّ إطلاق الأمر يقتضي إتيان متعلّقه سواء أتى بغيره أم لا ، ولو لم يكن له إطلاق فالاستصحاب يقتضي بقاء الشغل اليقيني إلى الفراغ اليقيني ، ولم يتحقّق الفراغ اليقيني في المقام بإتيان ما هو خارج عن الإرادة.
والجواب عن ذلك : أنّ ما ذكر تامّ على ما بنى الميرزا عليه مبناه من أنّ مفاد الأمر إنشاء الطلب والبعث والنسبة الإيقاعيّة.
وأمّا على ما ذكرناه سابقا : من أنّ مفاد الأمر ليس إلّا إظهار اعتبار المادّة في ذمّة المكلّف فغير تامّ ؛ إذ بعد فرض كون الطبيعة ذات أفراد مقدورة وأفراد غير مقدورة وكون الجامع بين الأفراد هو الذي يترتّب عليه غرض المولى ، فلا موجب لأمر المولى بخصوص المقدور ، وإنّما يأمر بالجامع ، فإنّ الجامع بين المقدور وغيره مقدور قطعا ، والقدرة إنّما تعتبر في مقام الامتثال. نعم لا معنى لاعتبار المكلّف طبيعة كلّ أفرادها غير مقدورة ؛ إذ لا يترتّب على ذلك الاعتبار شيء أصلا ، لا لاعتبار القدرة في اعتبار الفعل في ذمّة المكلّف. وهذا بخلاف ما إذا كانت الطبيعة مشتملة على المقدور وغيره وكان الجامع وافيا بالغرض المطلوب للمولى ، فإنّه لا وجه لاختصاص طلبه بخصوص المقدور ، ولا وجه أيضا للإهمال ؛ لاستحالة الإهمال في مقام الواقع ، فلا بدّ أن يأمر بالطبيعة ، وأثر هذا الأمر هو سقوطه لو صدر غير المقدور من المكلّف وكما إذا صدر بغير إرادة منه واختيار ، فإطلاق الدليل يقتضي الاكتفاء بمطلق الوجود بموجب تعلّقه بمطلق الطبيعة الغير المقيّدة بالقدرة ، ولو لم يكن إطلاق فالشكّ يكون في التكليف ؛ لأنّا نشكّ أنّه هل اعتبر أمر زائد على وجود أصل الطبيعة أم لم يعتبر؟ فالأصل عدم الاعتبار.
فتلخّص أنّ مقتضى الأصل اللفظي والعملي هو عدم اعتبار صدوره بإرادة واختيار. وهذا كلّه مبنيّ على أنّ القدرة من شرائط التكليف ويدلّ عليها الأمر