غيره من أفراد التصرّفات ، أو يكون منشأ الانصراف تكامل الفرد في طرف العلوّ بحيث لا يعدّ من أفراده أصلا عند العرف وإن كان من أفراده حقيقة كما في انصراف «الحيوان الغير المأكول اللحم» عن الإنسان ، والمفروض انتفاء كلّ من الأمرين في المقام ؛ إذ الفعل الاختياري فرد من أفراد الضرب كالاضطراري بلا رجحان لأحدهما على الآخر أصلا.
وقد ذكر الميرزا النائيني قدسسره (١) وجهين لظهور الفعل المطلوب في الاختياري :
أحدهما : أنّ ملاك طلب المولى الحسن الفاعلي لا الحسن الفعلي وإن كان الفعل حسنا ذا مصلحة ذاتية ، إلّا أنّ ملاك أمره هو الحسن الفاعلي ، والحسن الفاعلي إنّما يتحقّق بإتيان الفعل عن إرادة واختيار متقرّبا به إلى الله تعالى.
والجواب أوّلا : أنّ هذه الدعوى بلا دليل ؛ إذ أيّ دليل دلّ على أنّ ملاك الأمر هو الحسن الفاعلي لا الفعلي؟ بل الظاهر تبعيّته للحسن الذاتي في الفعل ، للزوم تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد في نفس الفعل.
وثانيا : أنّ هذا يقتضي أن لا يمتثل الأمر في التوصّليّات إلّا باقتران العمل بالقربة ؛ إذ صرف إتيانه باختياره لا يقتضي حسنه الفاعلي ، وحينئذ فيكون سدّا للأوامر التوصّليّة.
الثاني : أنّ الأمر بما أنّه باعث للمكلّف وموجد لداعي الامتثال ، ومعلوم أنّ البعث إنّما يكون نحو أمر قابل للبعث وهو الأمر المقدور ، فنفس الأمر بما أنّه طلب وبعث نحو الفعل وتحريك لعضلات العبد نحو المطلوب بإرادته واختياره ، ومعلوم أنّ جعل الداعي إنّما يكون لخصوص الفعل الصادر بإرادة واختيار ، وإلّا فالفعل الصادر بدون إرادة واختيار لا حاجة إلى جعل الداعي له ، فالطلب إنّما يتوجّه نحو الفعل الاختياري ، فهو بنفسه ـ يعني الأمر ـ يقتضي كون العمل مقدورا أو بإرادة
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٥٣ ـ ١٥٤.