وقد اورد (١) عليه بأنّ التمسّك بالإطلاق فرع تحقّق مقدّمات الحكمة ، وهي ورود الأمر على المقسم وكونه في مقام البيان وكون المتروك بيانه ممّا يمكن أخذه فيه ، وحينئذ فعدم أخذه يكشف عن عدم دخله في ملاك ذلك الواجب ، ولكن قصد الأمر لا يمكن أخذه فعدم أخذه لعدم إمكان الأخذ ، لا لعدم دخله.
وبالجملة ، فردّ كلام الشيخ مبنيّ على مقدّمتين :
إحداهما : عدم إمكان تقييد المأمور به بقصد الأمر.
الثانية : أنّ استحالة التقييد تستلزم استحالة الإطلاق ، فمتى خدش في إحدى هاتين المقدّمتين بطل الردّ وثبت كلام الشيخ الأنصاري قدسسره ومتى بطلتا معا لم يمكن التمسّك حينئذ بأدلّة نفس الواجب لإثبات توصّليّته ، فلا بدّ من دليل آخر.
فنقول :
أمّا المقدّمة الاولى : فقد ذهب جمع إلى عدم إمكان أخذ قصد الأمر في متعلّقه ، لوجهين هما عمدة ما ذكر في المقام :
أحدهما : ما ذكره الميرزا النائيني قدسسره (٢) وملخّصه : أنّ للتكليف مرحلتين : إحداهما : مرحلة الإنشاء ، وهي لا تفتقر إلى أزيد من فرض وجود الموضوع بتمام قيوده ، فينشأ الحكم على هذا الفرض ، والثانية : مرحلة الفعلية ، وهي تارة تأخذ في موضوع الأمر شيئا مقدورا للمكلّف ، نظير قوله : «أكرم زيدا» و (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فقد يفهم العرف من الدليل وجوب إيجاده كالطهارة والستر ، وقد لا يفهم وجوبه بل يفهم تنجّز التكليف على تقدير إيجاد المكلّف له كما في وجوب الوفاء في العقد ، فإنّه يفهم العرف أنّه على تقدير تحقّقه يجب الوفاء به ، هذا إذا كان أمرا مقدورا.
__________________
(١) أورد عليه في أجود التقريرات ١ : ١٦٨ ـ ١٦٩ ، وراجع كفاية الاصول : ٩٧ أيضا.
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٦٠ ـ ١٦٢.