قد ذكر الآخوند قدسسره (١) أنّه يمكن أن يكون العمل وافيا بتمام الملاك حال الاضطرار وأن لا يكون وافيا ، بل يبقى منه مقدار إلزامي أو غيره يمكن تداركه أو لا يمكن ، وحينئذ فإن وفى أو بقي من الملاك ما لا يلزم تداركه يجزئ ، وإن لم يف بل كان الباقي إلزاميا يمكن تداركه فلا يجزئ ، فلا بدّ في مقام الإثبات من مراجعة دليل الأمر الاضطراري وفهم دلالته بعد أن كان مقام الثبوت ممّا يمكن فيه الإجزاء وعدمه.
وقد ادّعى الميرزا النائيني (٢) الملازمة بين وجود الأمر الاضطراري واقعا والإجزاء بدعوى أنّه لو فرض أنّه صلّى صلاة المضطرّ التي قد امر بها حال الاضطرار ، فلو وجب عليه الصلاة الاختيارية بعد رفع الاضطرار يلزم وجوب ما زاد على خمسة صلوات ، والأخبار والإجماع بل الضرورة قائمة بعدم وجوب أكثر من خمس صلوات في اليوم والليلة (٣).
ولا يخفى أنّ ما ذكره متين في خصوص الصلاة التي هي مورد الإجماع والضرورة والنصوص. وأمّا في غير الصلاة فلا يتمّ ، إلّا أنّ الظاهر تحقيق الملازمة بين تحقّق الأمر الاضطراري واقعا وبين الإجزاء ؛ وذلك لأنّ الفرض الذي ذكره الآخوند قدسسره لصورة عدم الإجزاء غير ممكن ثبوتا ؛ إذ بعد فرض إمكان تحصيل الملاك الملزم آخر الوقت بالعمل الاختياري يكون أمره بالعمل الاضطراري في أوّل الوقت لغوا محضا ؛ إذ الفرض أنّ الأمر بالاختياري محقّق وملزم ولا بدّ من الإتيان به ، وهو واف بالملاك إذا لم يستوف منه شيء ، فأيّ داع حينئذ إلى أمره الاضطراري بالعمل الاضطراري الذي لا يغني عن الواجب الاختياري الممكن حصوله فيما بعد. وما ذكره الآخوند (٤) من الوجوب التخييري غير تامّ أيضا ؛ لأنّه تخيير بين الأقلّ
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٠٨ ـ ١٠٩.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٢٨٤ ـ ٢٨٥.
(٣) انظر الوسائل ٣ : ٥ ، الباب ٢ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها وغيره من الأبواب.
(٤) انظر كفاية الاصول : ١٠٩.