والأكثر ، وهو غير معقول ؛ لأنّه تخيير بين فعل وتركه وهو محال. فينبغي تقديم الكلام على البدار وأنّه هل القاعدة تقتضي جوازه إلّا ما خرج بالدليل؟ أم القاعدة تقتضي عدم الجواز إلّا ما خرج بالدليل؟
فنقول ذكر السيّد اليزدي قدسسره في عروته عدم جواز البدار إلّا في التيمّم (١) للنصوص الدالّة على جواز البدار فيه (٢). وذكر بعض المحشّين عليها (٣) جواز البدار إلّا في التيمّم للنصوص الدالّة على عدم جواز البدار فيه (٤). والظاهر هو الأوّل.
بيان ذلك : أنّ دليل الواجب الموقّت الموسّع مثل الصلاة فبمقتضى قوله : «إذا زالت الشمس فقد وجب الطهور والصلاة» (٥) ومثل قوله : «ثمّ أنت في وقت» (٦) إلى آخره ـ تخيّر العقل في أفراد الواجب المستوية في وجدان الأجزاء والشرائط وفقدانها ، فحيث تكون الأفراد كلّها واجدة للقيام أو للطهارة المائيّة أو كلّها فاقدة ، فالعقل يخيّرك حينئذ. أمّا لو كان بعضها واجدا وبعضها فاقدا فالعقل يحتّم عليك الواجد دون الفاقد ولا يسيغ لك البدار إلى الفاقد ، كما لا يجيز لك ترك الواجد فعلا وتأخيرك العمل إلى وقت تعلم بأنّك تكون فاقدا فيه ، فمقتضى حكم العقل عدم جواز البدار ، فجواز البدار محتاج إلى دليل ، فإمّا أن يدلّ عليه دليل شرعي تعبّدي ،
__________________
(١) العروة الوثقى ١ : ٥٠٠ ، المسألة ٣.
(٢) انظر الوسائل ٢ : ٩٨٣ ـ ٩٨٥ ، الباب ١٤ من أبواب التيمم ، الأحاديث ٩ ، ١١ ، ١٣ ، ١٧ ، ١٥ وغيرها في غير الباب.
(٣) انظر العروة الوثقى ١ : ٥٠٠ ، المسألة ٣ وتعليقات المراجع عليها.
(٤) انظر الوسائل ٢ : ٩٨٢ ـ ٩٨٣ ، الباب ١٤ من أبواب التيمم ، الحديث ٣ و ٨ و ٩٩٣ ـ ٩٩٤ ، الباب ٢٢ من الأبواب ، الأحاديث ١ و ٣ و ٤.
(٥) الوسائل ١ : ٤٨٣ ، الباب ١٤ من أبواب الجنابة ، الحديث ٢ وفيه : إذا دخل الوقت وجب الطهور.
(٦) الوسائل ٣ : ٩٢ و ٩٥ ، الباب ٤ من أبواب المواقيت ، الحديث ٥ و ٢٢.