وإمّا أن يقطع المكلّف أو يطمئنّ بعدم ارتفاع الاضطرار إلى آخر الوقت ليتحقّق الموضوع للتخيير العقلي ، أو يشكّ في ارتفاع العذر وعدمه فيستصحب بقاءه بناء على ما اخترناه من جريان الاستصحاب في الامور المتأخّرة ، فيتحقّق موضوع حكم العقل بالتعبّد أيضا.
فإن أجرى الاستصحاب ثمّ انكشف الخلاف وارتفاع عذره قبل خروج الوقت فحينئذ تكون المسألة من صغريات إجزاء الحكم الظاهري عن الواقعي وعدمه ، وهي المسألة الآتية.
وإن قطع أو اطمئنّ فصلّى ثمّ انكشف أنّ قطعه كان مخالفا للواقع فهو من تخيّل الأمر ؛ إذ قد انكشف أن لا أمر واقعا بهذه الصلاة ولا ظاهرا ، فلا شيء حتّى يجزئ عن الواقعي أم لا ، وإنّما هو من تخيّل الأمر.
وإن كان هناك دليل يدلّ على جواز البدار مثل ما استندوا إليه في قوله عليهالسلام : «إذا قوي فليقم» (١) ممّا يستكشف منه أنّ العبرة بحال الصلاة وإرادتها وأنّه غير منوط بالتأخير ، ففي مثل الصلاة لا إشكال في الإجزاء وعدم لزوم الإعادة في الوقت ، لقيام الإجماع بل الضرورة والأخبار المتواترة على «أنّ الله لم يكلّف العبد في اليوم الواحد بأكثر من خمس صلوات» (٢) فيستفاد منه : أنّ الصلاة المأتيّ بها حال الاضطرار متداركة لمصلحة الواقع الفائتة ، والمفروض أنّها كانت صحيحة واجدة لتمام الأجزاء والشرائط بالإضافة إلى المضطرّ ، فهو من قبيل تبدّل العنوان عند ارتفاع اضطراره فهو واجبان واقعيّان كلّ في حال كالسفر والحضر في الصلاة.
أمّا في غير الصلاة اليوميّة مثل ما لو نذر أن يصلّي صلاة جعفر مثلا فصلّاها بطهارة ترابيّة لعدم المائيّة ثمّ في الوقت قدر على المائيّة بعد ذلك ، فمقتضى القاعدة
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٦٩٩ ، الباب ٦ من أبواب القيام ، الحديث ٣.
(٢) انظر الوسائل ٣ : ٥ ، الباب ٢ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها وغيره من الأبواب.