لزوم الإتيان بها ثانيا ، لعدم دليل يدلّ على إجزائها عن المكلّف به الواقعي ؛ إذ ليس عندنا إجماع ولا ضرورة ولا أخبار بذلك.
نعم ، لو كان لدليل الاضطرار إطلاق يفيد حصر المكلّف به بخصوص الفعل الاضطراري فيستكشف بذلك تنويع الواجب الواقعي وأنّ المأمور به بالأمر الاضطراري حال الاضطرار واف بتمام مصلحة الواجب الواقعي الاختياري بلا نقيصة أصلا وأنّهما عنوانان كالسفر والحضر بالإضافة إلى قصر الصلاة وإتمامها.
ولا يتوهّم أنّه عليه يجوز التفويت للقدرة على الواجب الاختياري لتحصيل تمام المصلحة بالواجب الاضطراري بعد أن يكون المكلّف من أفراد المضطرّين ، لإمكان أن يقال : إنّ الوفاء بالمصلحة من المأمور به بالأمر الاضطراري مختصّ بالمضطرّ بحسب طبعه لا بمن يصير نفسه مضطرّا بإذهاب قدرته بالاختيار. هذا لو استفيد من إطلاق دليل الواجب الاضطراري انحصار التكليف به.
أمّا لو لم يكن الإطلاق في مقام بيان الحصر ، ففي مقام الثبوت يمكن أن يفي المأمور به بالأمر الاضطراري بتمام المصلحة ، ويمكن أن لا يفي فلا يجزئ. ولا إطلاق يقتضي الحصر كما لا إجماع ولا أخبار تقتضي الإجزاء ، فإن كان لدليل الواجب الاختياري إطلاق تمسّك به في لزوم الإتيان به وإن لم يكن له إطلاق أيضا فيصار حينئذ إلى الاصول العمليّة ، فنقول : إنّها تقتضي البراءة ؛ لأنّه يشكّ في الوفاء كي لا يجب الإعادة وعدم الوفاء كي تجب الإعادة فهو يشكّ في توجّه التكليف نحوه بالإعادة وعدمه ولا ريب في أنّه شكّ في التكليف فتجري فيه البراءة العقليّة والشرعيّة.
لا يقال : إنّ الأمر الأوّلي يقتضي الإعادة لعدم إحراز استيفاء المصلحة.
لأنّا نقول : إنّ الأمر بالطبيعة الجامعة بين الفرد الاختياري والاضطراري قد امتثل ، والأمر بالاختياري من أوّل الأمر يشكّ في شموله لمن أتى بواجبه الاضطراري ، فمن المحتمل أن لا يكون أمر حتّى يقيّده ما دلّ على تقييده حال الاختيار بذلك الجزء الذي اضطرّ إلى تركه ثمّ زال اضطراره عنه في الوقت ، فافهم.
هذا تمام الكلام في إجزاء الواجب الاضطراري عن الواقعي ، فافهم.