وأمّا التصويب في الموضوعات وهو عبارة عن أخذ العلم جزء موضوع لترتّب الحكم فلا إجماع على بطلانه ، فيمكن أن يكون المانع عن صحّة الصلاة هو الجلد المعلوم عدم تذكيته بنحو يكون العلم جزءا فتدور المانعيّة مدار العلم بعدم التذكية ، فيلتزم بالإجزاء في الموضوعات ، إلّا أنّ المانع عن الإجزاء أمران :
أحدهما : ظواهر الأدلّة ، فإنّها بإطلاقها يعلم أنّ الموضوع للحكم بالمانعيّة ـ مثلا ـ هو غير المذكّى الواقعي علم به أم لا ، فليس العلم جزءا للموضوع في لسان الأدلّة كي يلتزم بالإجزاء.
الثاني : عدم القول بالفصل ، فإنّ الأمارات إن كانت حجّة من باب الطريقيّة ففي الأحكام والموضوعات ، وإن كانت من باب السببيّة المستلزمة للتصويب ففيهما معا. أمّا أنّها من باب الطريقيّة في الأحكام والسببيّة في الموضوعات فلا قائل به ، وبما ذكرنا يتمّ القول بعدم الإجزاء في الموضوعات أيضا.
وإن كان مستند الحكم الظاهري أصلا كأصالة الطهارة مثلا أو استصحابها في وجه قويّ ـ على ما ذكره صاحب الكفاية (١) ـ ثمّ انكشف أنّ ذلك الشيء نجس قطعا ، فقد ذهب صاحب الكفاية قدسسره إلى الإجزاء وقد قرّبه بأنّ الأمارة إنّما تنظر إلى الواقع فيتنجّز بتحقّق ما هو الشرط واقعا ، فإذا انكشف الخلاف انكشف أنّ الشرط الواقعي مفقود. أمّا الاصول فإنّما تثبت وجود الشرط في الظاهر ، فإذا شكّ المكلّف مثلا في الطهارة فاستند إلى أصالة الطهارة ثمّ انكشف أنّه ليس بطاهر واقعا فلم يكشف عن عدم وجدان الماء للطهارة الظاهريّة ، بل كان واجدا لها ما دام الشكّ ، نعم من الآن لا يكون واجدا ، لارتفاع الشكّ بالقطع ، فلا شكّ حتّى يجري الأصل ، فالاصول في الحقيقة توسّع الطهارة المعتبرة في ذلك الماء شرطا إلى الطهارة الظاهريّة والواقعيّة ، فما دامت الطهارة الظاهريّة موجودة العمل واجد لشرطه. نعم الآن
__________________
(١) كفاية الاصول : ١١٠.