موضوعهما في بقيّة الأحكام أيضا ، مضافا إلى أنّ القول بعدم الإجزاء ليس ملازما للعسر والحرج ، إذ لو اجتهد المجتهد فأفتى بعدم وجوب السورة وصلّى صلاة واحدة ثمّ تبدّل رأيه فأيّ عسر وحرج حتّى يصار من أجله إلى القول بالإجزاء؟ ولو صلح العسر والحرج إلى رفع الحكم لقيل بعدم الوجوب في القضاء للفوائت المعلومة حيث تكون فرائض خمسين سنة مثلا ، فهل يلتزم من أجله بعدم وجوب القضاء كليّة؟
نعم ، موارد العسر والحرج ترتفع بمقدار يلزم منه العسر والحرج المختلفين بحسب الأزمنة والأمكنة والأشخاص ، فقد يكون الحكم حرجيّا في حقّ شخص وليس حرجيّا في حقّ آخر ، وحرجيّا في الصيف وليس حرجيّا في الشتاء ، وحرجيّا في بلد وغير حرجي في بلد آخر .. وهكذا.
وبالجملة ، فمتى تحقّق الحرج في حقّ الشخص سقط الحكم عنه في جميع التكاليف الحرجيّة. وليس العبرة بالحرج النوعي ، فإنّه ـ مضافا إلى أنّه ليس له في الأخبار ذكر وأثر ـ لا معنى لإناطة الحكم به ؛ إذ إنّه لو فرضنا أنّ برودة الهواء موجبة لحرجيّة الوضوء بالنسبة إلى نوع الناس ، فليس هذا موجبا لجواز تيمّم من عنده ماء سخن للحرجيّة النوعية.
نعم ، ربّما تكون الحرجيّة النوعيّة موجبة لعدم جعل الشارع الحكم من أوّل الأمر ، كما ورد «لو لا أن أشقّ على امتي لأمرتهم بالسواك» (١) و «لو لا المشقّة لأخّرت العشاء إلى نصف الليل» (٢) وأشباهها إلّا أنّ هذا شأن الشارع التي بيده الجعل وعدمه ، لا شأن الفقيه ، فافهم.
الثاني من الأدلّة التي ذكرت للقول بالإجزاء : ما ذكره بعضهم : من أنّ الاجتهاد الثاني كالاجتهاد الأوّل ، فلم تعاد الأعمال الجارية على طبق الاجتهاد الأوّل؟ وأيّ مرجّح للاجتهاد الثاني على الأوّل.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٥٤ ، الباب ٣ من أبواب السواك ، الحديث ٤.
(٢) الوسائل ٣ : ١٤٦ ، الباب ٢١ من أبواب المواقيت ، الحديث ٥.