والجواب : أنّ مقتضى ما ذكرت عدم وجوب ترتيب آثار اجتهاده الثاني حتّى في أعماله اللاحقة أيضا ، ولا يلتزم به أحد من الفقهاء.
وثانيا : أنّ اجتهاده الأوّل إن كان رافعه الاطّلاع على معارض للخبر الذي استند إليه في الاجتهاد السابق فقد سقط المستند بالمعارضة ، ففي الاجتهاد الثاني استند إلى أصل عملي هو حجّة عليه ، فما معنى قولكم : إنّه كالأوّل؟
وإن كان رافع الاجتهاد هو الاطّلاع على دليل يتقدّم على الدليل الأوّل ـ كمخصّص أو حاكم أو وارد ـ فالاجتهاد السابق وإن كان في ظرفه حجّة ؛ لعدم وصول المخصّص إليه أو الحاكم ، إلّا أنّ حجّيّته بمعنى عدم العقاب له على مخالفة الواقع ، لا بمعنى سقوط الواقع عنه ولم يؤت به ولا ببدله.
الثالث من أدلّة القول بالإجزاء : ما ذكره صاحب الفصول قدسسره في مبحث الاجتهاد والتقليد ، وهو قوله : إنّ الواقعة الواحدة لا تتحمّل اجتهادين (١).
وهذه العبارة المجملة لم يعلم ما ذا أراد قدسسره منها وأنّها لا تتحمّل اجتهادين ولو من شخصين أو ولو من شخص واحد في زمانين؟ أو أنّ المراد لا تتحمّل اجتهادين من شخص واحد في زمان واحد؟ وهذا مسلّم لكن لا ربط له بما نحن فيه. وبالجملة ، لم يعلم معنى محصّل لما ذكره هذا المحقّق.
الرابع : ما ذكره بعضهم من أنّ تبدّل الرأي نسخ في الأحكام الظاهريّة كالنسخ في الأحكام الواقعيّة ، فكما أنّ انتهاء أمد الحكم في الأحكام الواقعيّة لا يوجب بطلان العمل السابق ، فكذا هذا.
والجواب : أنّ ما ذكره إن كان بالإضافة إلى الحجيّة فمتين ، ولكنّه لا ملازمة بين الحجيّة والإجزاء ، فإنّ مدار الإجزاء هو الإتيان بالواقع أو ببدله ، والمفروض عدم الإتيان بالواقع ولا ببدله ؛ لأنّ البناء على الطريقيّة لا السببيّة ، فافهم.
__________________
(١) الفصول : ٤٠٩.