(وقد ذكر صاحب الكفاية خروجها عن محلّ النزاع (١) لوجود المانع ، وهو اجتماع المثلين : الوجوب النفسي والغيري ، وهو محال ، فهي خارجة عن محلّ النزاع لذلك وإن كان ملاك الوجوب الغيري فيها موجودا. وذكر في هامش الكفاية انتفاء الملاك أيضا ، بدعوى أنّ حكم العقل بالوجوب إنّما هو في صورة توقّف وجود على وجود آخر يغايره ويباينه ، ومعلوم فقدانه في المقام.
وما ذكره في الهامش هو الصحيح. وأمّا ما ذكره من لزوم اجتماع المثلين ، فليس محذورا بعد إمكان التأكّد فيلتزم على تقدير وجوبها الغيري بالتأكّد كما في نظائره ، فافهم) (٢).
بقي الكلام في أنّه هل هناك ثمرة فقهيّة تترتّب على دخول المقدّمة الداخلية في النزاع وخروجها ، أم أنّ النزاع علمي بحت؟
ذكر بعض الأساطين (٣) ـ قدس الله أسرارهم ـ ترتّب ثمرة مهمّة على القول بدخول الأجزاء في محل النزاع وعدمه ، وهي القول بالبراءة في الأقلّ والأكثر الارتباطيّين على القول بعدم دخول الأجزاء في محلّ النزاع ، والقول بالاشتغال على القول بدخولها ؛ وذلك لأنّه إن كانت الأجزاء داخلة في محلّ النزاع فالعلم الإجمالي بثبوت التكليف المردّد بين الأقل والأكثر ليس بمنحلّ إلى أقلّ معلوم وجوبه نفسيّا وأكثر مشكوك وجوبه النفسي ليرجع إلى البراءة بالإضافة إلى الأكثر ، بل يكون الأقلّ معلوما جنس وجوبه ولا يدرى أنّه نفسي أو غيري ، وكلّي الوجوب الجامع بين النفسي والغيري لا يوجب انحلال الوجوب النفسي المعلوم. وهذا بخلاف ما إذا لم تكن الأجزاء داخلة في محلّ النزاع ؛ إذ وجوبها الغيري معلوم
__________________
(١) كفاية الاصول : ١١٥ ـ ١١٦.
(٢) ما بين القوسين من اضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٣) وهو المحقّق العراقي في نهاية الأفكار ١ ـ ٢ : ٢٦٩.