بعد حصول الشرط فلا إشكال ، مثلا إذا قلنا بأنّ الملكيّة لا تحصل إلّا بعد حصول الإجازة من المالك في بيع الفضولي فليست الإجازة حينئذ شرطا متأخّرا وإنّما هي شرط مقارن.
نعم ، يتوجّه إشكال الشرط المتقدّم ، بداهة كون العقد متقدّما على الإجازة الناقلة. وقد تقدّم أنّ تقدّم أجزاء العلّة التكوينيّة على المعلول لا بدّ منه في العلّة المركّبة فضلا عن التشريعيّة ، فلا إشكال في الشرط المتقدّم ، بل الإشكال إنّما يختصّ بخصوص الشرط المتأخّر.
وقد أفاد صاحب الكفاية قدسسره : أنّ شرط التكليف وكذا شرط الوضع إنّما هو أمر مقارن له دائما (١) ، وذلك أنّ الحكم التكليفي والوضعي بما أنّه فعل من أفعال المولى فليس يتحقّق إلّا بعد تصوّره بأطرافه ، ولا معنى لاشتراط الفعل الاختياري للمولى بأمر غير اختياري له كفعل المكلّف ؛ ضرورة خروجه عن كونه اختياريّا حينئذ ، فلا شرط في مقام التكليف والوضع إلّا لحاظ المولى لذلك الأمر المتأخّر أو المقارن ، واللحاظ أمر مقارن للحكم التكليفي والوضعي ، مثلا إذا كان الإنسان ذا إحسان على شخص فلو أراد ذلك الإنسان المحسن الاستقراض من المحسن إليه فلا ريب أنّ لحاظ إحسانه السابق هو الذي يدعو إلى إقراضه ؛ إذ جزاء الإحسان إحسان ، فعلمه بإحسانه السابق شرط إقراضه لا نفس الإحسان السابق ؛ ولذا لو تخيّله أنّه هو المحسن أيضا يقرضه وإن لم يصادف أنّه المحسن إليه في السابق ، بأن اشتبه هذا المقرض في تطبيقه ، ولو غفل عن إحسانه السابق أيضا لا يقرضه ، فالشرط للإقراض في الحقيقة هو علمه بالإحسان لا نفس الإحسان.
وكذا الكلام بالإضافة إلى الامور المتأخّرة ، مثلا إذا كان يعلم أنّه لو أكرم زيدا اليوم فزيد يكرمه في التوسّط إلى السلطان في أمر من الامور المهمّة ، فعلمه بذلك
__________________
(١) كفاية الاصول : ١١٨ ـ ١١٩.