بصرف التجارة بلا تحقّق التراضي كما في الفضولي ، فكيف يحكم بتحقّق الملكيّة قبل تحقّق التراضي الذي هو بعض موضوعها؟
ومن هنا التزم الميرزا قدسسره باستحالة الشرط المتأخّر للحكم ، وحكم بكون الأخبار الواردة في صحّة بيع الفضولي التي ظاهرها الكشف عن تحقّق الملكيّة من حين العقد إذا تعقّبته الإجازة مفيدة للكشف الحكمي لاستحالة الكشف الحقيقي عنده (١) ؛ لأنّه نظير الحكم بتحقّق المعلول قبل تحقّق علّته ، فإنّ الحكم بالإضافة إلى موضوعه كذلك ، فإنّ الحكم متفرّع على موضوعه تفرّع المعلول على علّته.
فيقع الكلام في أنّ قيود الموضوع هي كالموضوع في استحالة تحقّق الحكم قبله ، أم أنّ قيود الموضوع يمكن أن يتحقّق الحكم قبلها بمجرّد تحقّق ذات الموضوع؟ وقد أصرّ الميرزا النائيني قدسسره على الأوّل كما ذكرنا ، فحكم قدسسره باستحالة الشرط المتأخّر ، وحكم بالكشف الحكمي في الفضولي لاستحالة الكشف الحقيقي (٢).
والظاهر إمكان الشرط المتأخّر ، بيان ذلك : أنّ القضايا الحقيقيّة تحتاج إلى فرض وجود الموضوع ، ولكنّها لا تقتضي وجوده المقارن ، بل يجوز أن يفرض متقدّما كما في من استطاع وعصى فلم يحجّ ، فإنّه لا ريب في وجوب الحجّ عليه ، مع أنّ شرط وجوب الحجّ عليه فعلا استطاعته السابقة المنضمّة إلى عصيانه. وكذا موضوع وجوب قضاء الصوم هو الحائض التي فاتها الصوم ، كما يجوز أن يفرض متأخّرا كما وقع في جملة من الموارد بحسب دلالة دليله كما في إرث الحمل ، فإنّه يرث مشروطا بسقوطه حيّا ، فسقوطه حيّا شرط للإرث من حين موت المورّث ؛ ولذا تكون النماءات المتخلّلة له أيضا. وكما في إرث المسلمين من الورثة مال مورّثهم مشروطا بعدم إسلام الوارث الكافر قبل القسمة ، وإلّا فيختصّ بالإرث أو يشاركهم ، ولا بدّ
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٣٠ ـ ٣٣١.
(٢) انظر منية الطالب ٢ : ٦٤ ، والمكاسب والبيع ٢ : ٨١ ـ ٨٥.