أمّا الكلام في استحالة رجوع القيد إلى الهيئة : فقد ذكر أنّ مفاد الهيئة معنى حرفيّ والمعنى الحرفيّ غير قابل للإطلاق والتقييد. وهذه العبارة تحتمل معنيين (*) :
أحدهما : ما استفاده صاحب الكفاية قدسسره كما يظهر من جوابه قدسسره وملخّصه : أنّ المعنى الحرفي بما أنّ الموضوع له خاصّ فهو جزئي والجزئي غير قابل للإطلاق والتقييد ، فلا بدّ من الالتزام بإرجاع القيد إلى المادّة (١) فإن كان مراد الشيخ ـ على تقدير صحّة النسبة ـ هو هذا ، فالجواب عنه بامور :
أحدها : أنّ هذا إنّما يتمّ حيث يكون الوجوب مستفادا من الهيئة. أمّا لو استفيد من معنى اسمي كما ورد في قوله عليهالسلام : «إذا زالت الشمس فقد وجب الطهور والصلاة» فلا يتمّ ، ضرورة كونه حينئذ معنى اسميّا كليّا قابلا للإطلاق والتقييد.
ثانيها : أنّ المعنى الحرفي كلّي ـ كما ذكرنا ـ لا جزئي ، فهو من حيث الكلّية كالمعنى الاسمي قابل للإطلاق والتقييد.
ثالثها : أنّا لو سلّمنا كونه جزئيا فإنّ الجزئي قابل للإطلاق والتقييد من حيث الحالات وإن لم يكن قابلا من حيث الأفراد لكونه جزئيّا حقيقيّا.
رابعها : أنّه لو سلّمنا عدم قابليّته للتقييد حتّى من حيث الحالات ، إلّا أنّ الإطلاق والتقييد الذي هو بمعنى الإرسال والتضييق هو الذي يكون مستحيلا في الجزئي.
أمّا الإطلاق والتقييد الذي هو بمعنى التعليق والربط لا يستحيل في الجزئي أصلا ، ومقامنا من قبيل الثاني ، فإنّ المراد بكونه مطلقا : كونه غير مربوط بشيء ،
__________________
(*) لا يخفى أنّ عبارة التقريرات لو كانت بهذا النصّ لاحتمل فيها المعنيان ، ولكن عبارتها صريحة فيما استظهره صاحب الكفاية قدسسره فلا مجال حينئذ لاحتمال النائيني قدسسره أصلا فلاحظ.
(الجواهري).
(١) كفاية الاصول : ١٢٢ ـ ١٢٣.