وبكونه مقيّدا : كونه مربوطا بشيء ، والجزئي قابل لذلك ، فإنّ زيدا ـ مثلا ـ قد يكون وجوده مربوطا بأمر وقد لا يكون وجوده مربوطا بأمر مثلا. على أنّ الوجوب الذي هو اعتبار شيء على ذمّة المكلّف ليس من مفاد الهيئة التي هي معنى حرفي بل هو مستفاد من حكم العقل بالمحبوبيّة وعدم الترخيص في الترك ، فافهم فتأمل.
المعنى الثاني : لما يحتمله عبارة الشيخ الأنصاري قدسسره ما احتمله الميرزا النائيني قدسسره (١) وملخّصه : أنّ المعنى الحرفي بما أنّه غير ملحوظ استقلالا وإنّما يلحظ آلة فهو غير قابل للإطلاق والتقييد ، لافتقارهما إلى لحاظ استقلالي وهو مفقود في المعاني الحرفيّة. وهذا التقريب لا يفرق فيه بين أن يكون الحروف الموضوع له فيها خاصّا أو عامّا ، كما هو واضح.
والجواب أوّلا : أنّ المعنى الحرفي كالمعنى الاسمي قابل للّحاظ استقلالا ، فإنّ المخبر قد يخبر عن خصوص مؤدّى المعنى الحرفي ، كما إذا أخبر زيد عمرا بكون بكر عندهم على السطح مع كون عمرو عالما بكونه عندهم ، إلّا أنّه لا يدري بكونه على السطح ، فأراد المخبر إخباره بهذه الخصوصيّة. وقد تقدّم الكلام في ذلك مفصّلا في المعنى الحرفي ، وذكرنا أنّ ما ذكروه من كون المعنى الحرفي غير قابل للّحاظ الاستقلالي غير تامّ ، بل هو قابل لذلك كالمعنى الاسمي ، وذكرنا الفرق بينهما وأنّه ذاتي لا من جهة اللحاظ ، فراجع.
وثانيا : لو سلّمنا كون المعنى الحرفي غير قابل للّحاظ الاستقلالي ، فلا يلزم أن لا يكون قابلا للإطلاق والتقييد ؛ إذ حينئذ بعد تعلّق اللحاظ به يكون غير قابل ، ولكنّه قابل قبل تعلّق اللحاظ به ، فإنّ الملحوظ ذاتا لا يخلو من أن يكون مطلقا أو مشروطا في الواقع.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٩٥.