على هذا الشخص التعلّم كما هو الظاهر ، فإنّ الروايات الدالّة على وجوب التعلّم (١) لا يبعد أن يستظهر منها ذلك. وحينئذ فلا إشكال في وجوب التعلّم قبل الوقت.
وإن لم نقل بذلك أشكلت المسألة وبنيت على ما تقدّم من المقدّمة المفوّتة بتمام شقوقها. وحينئذ فمقتضى ما تقدّم منّا جواز التعجيز ؛ لأنّه الآن ليس بواجب ، وبعد وقته أيضا لا يتّصف بالوجوب لعدم القدرة ، فلم يفوّت هذا الشخص واجبا عليه ، بل منع نفسه عن أن يكون موردا للتكليف فأخرج نفسه عن موضوعه ، كما تقدّم.
ولكن قد عرفت قوّة ما ادّعاه الأردبيلي قدسسره من كون التعلّم واجبا نفسيّا لغيره ، فلا عقاب على تركه لنفسه بل لغيره ، فافهم.
(وهناك قسم رابع ، وهو أن يترتّب على ترك التعلّم فوت الغرض الملزم ولا يترتّب عليه فوت التكليف ، كما إذا كان الوجوب للواجب النفسي مشروطا بالوقت ، إلّا أنّ الوقت لا يسع التعلّم والعمل ، فالتكليف حينئذ بعد الوقت تكليف بما لا يطاق ، إلّا أنّ الغرض كالتكليف ـ بل هو روح التكليف ـ فتفويته حرام عقلا ، فلا بدّ من التعلّم حينئذ.
نعم ، لو لم يترتّب على ترك التعلّم فوت الواجب ولا فوت الغرض الملزم ـ لكونهما مشروطين بالقدرة في ظرف الفعل المنفيّة حسب الفرض ، والمشروط عدم عند عدم شرطه ـ ففي مثله يحتاج القول بوجوب التعلّم إلى ما التزم به المحقّق الأردبيلي من الوجوب النفسي المتقدّم ذكره ، إلّا أنّ الذي يستظهر من النصوص عدم مشروطيّة الملاك الملزم بالقدرة من ناحية التعلّم في ظرف العمل ، فافهم) (٢).
هذا كلّه إذا أحرز الابتلاء به ، أمّا لو لم يحرز الابتلاء به بل ولم يظنّه بالظنّ الاطمئناني فهل يجب عليه تعلّم حكم تلك الوقائع التي لا يحرز ولا يطمئنّ بالابتلاء
__________________
(١) راجع الكافي ١ : ٣٠ ، باب فرض العلم ووجوب طلبه والحثّ عليه.
(٢) ما بين القوسين من اضافات بعض الدورات اللاحقة.