بها ، أم لا يجب؟ أمّا إذا أحرز عدم الابتلاء بتلك الواقعة ، فمثال ذلك ما إذا أحرز عدم الاستطاعة وقطع بذلك ، فهل يجب عليه تعلّم أحكام الحجّ؟ وما إذا قطع بأنّه لا يبتلي بمعاملة ربوية ، فهل يجب عليه تعلّم أحكام الربا؟ والظاهر عدم وجوب التعلّم في ذلك ؛ لأنّ وجوب التعلّم ـ كما استفدناه من الأدلّة ـ وجوب نفسي لغيره وللعمل ، فإذا احرز عدم الابتلاء فلا وجوب.
وأمّا إذا شكّ في أنّه يبتلي بهذه الواقعة أم لا ، فهل يجب عليه تعلّم حكمها أم لا؟
ربّما يقال بعدم وجوب التعلّم ، لاستصحاب عدم الابتلاء بها بعد ذلك.
وقد نوقش في جريان الاستصحاب في مثل هذه الموارد من الامور المتأخّرة ؛ لعدم كونه شاكّا حينئذ ، بل هو الآن متيقّن بعدم كونه محلّ ابتلائه ظاهرا فعلا. نعم ، إنّما يجري الاستصحاب في شيء كان على يقين منه ثمّ شكّ فيه فعلا ؛ لكونه متيقّنا سابقا ومشكوكا بالفعل.
ولا يخفى عليك ما في هذه المناقشة. وقد ذكرنا في مبحث الاستصحاب أنّ العبرة في الاستصحاب بتقدّم المتيقّن وتأخّر المشكوك وإن كان زمان اليقين والشكّ فعليّا. وحينئذ فلا مانع من إجراء الاستصحاب في الامور المتأخّرة ؛ ولذا أفتى جملة من الأصحاب بجواز البدار لذوي الأعذار إذا شكّوا في ارتفاع العذر إلى آخر الوقت وعدمه (١) اعتمادا على استصحاب عدم التمكّن. نعم ، هذا الحكم ظاهري ، فإن صادف التمكّن فلا بدّ من الإعادة.
__________________
(١) في جواز البدار وعدمه لذوي الأعذار خلاف وذكروا في مبحث التيمّم أقوالا ثلاثة : عدم جواز البدار ، وجواز البدار ، والتفصيل بين العلم باستمرار العذر فيجوز البدار وعدمه مع العدم ، فالقولان الأوّلان منسوب إلى المشهور ، والثالث مذهب العلّامة في بعض كتبه ونسبه في جامع المقاصد ١ : ٥٠٠ إلى أكثر المتأخّرين ، وراجع لتفصيل الأقوال المسالك ١ : ١١٤ ، والمهذّب البارع ٢ : ٢٠٠ ـ ٢٠٢ ، وجواهر الكلام ٥ : ١٥٨ ـ ١٥٩.