وربّما نوقش في استصحاب عدم الابتلاء بمناقشة اخرى ، وهي أنّ الابتلاء المستصحب عدمه ليس حكما شرعيّا وليس له أثر شرعي ، فلا معنى للتعبّد حينئذ.
أمّا إنّه ليس حكما شرعيّا فمعلوم ، وأمّا إنّه ليس بذي أثر شرعي فلأنّ احتمال الابتلاء كاف في وجوب التعلّم من جهة لزوم دفع الضرر المحتمل وهذه المناقشة ذكرها الميرزا النائيني قدسسره (١).
والجواب : أنّ هذا متين إذا قلنا بأنّ المجعول في الاستصحاب هو الحكم المماثل. أمّا إذا قلنا بأنّ المجعول هو الطريقيّة وجعل المتيقّن السابق في الزمن اللاحق بمعنى كون المجعول هو طريقيّة اليقين ، فباستصحاب عدم الابتلاء يندفع احتمال الضرر ، وأثره حينئذ هو عدم وجوب التعلّم ، وهو كاف في الأثر.
نعم ، المانع من إجراء الاستصحاب هو إطلاق أدلّة وجوب التعلّم مع كون الغالب عدم إحراز الابتلاء ، فأمره عليهالسلام بالتعلّم مع كون الغالب عدم إحراز ابتلاء كاشف عن عدم الاعتماد على الاستصحاب ، وحينئذ فلا بدّ أن يتعلّم ما لم يحرز عدم الابتلاء ، فافهم.
بل يمكن القول بعدم جريان الاستصحاب مع قطع النظر عن إطلاق الأخبار ، بأن يقال : إنّ للمكلف علما إجماليّا بالابتلاء بواقعة على الأقلّ من الوقائع ، فبمقتضى ذلك العلم الإجمالي يجب التعلّم ، كما يجب على المجتهد الفحص عن المعارض في العمل بالخبر وعن الأخبار في إجراء البراءة ، للعلم الإجمالي بوجود المعارض في الأخبار ، وبوجود الأخبار في موارد البراءة.
وبالجملة ، فقد ظهر الفرق بين التعلّم وغيره من المقدّمات ، فيجب التعلّم وإن كان الواجب مشروطا بشرط لم يحصل بعد. نعم ، لو احرز عدم الابتلاء لا يجب التعلّم. وهذا بخلاف بقيّة المقدّمات ، فإنّها لا يجب تحصيلها قبل حصول شرط الوجوب
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٣١.