وإذا دار الأمر بين كونه معلّقا أو مشروطا فهل هناك مرجّح لأحد الأمرين أم ليس هناك مرجّح؟ فإن كان هناك مرجّح لأحدهما عمل به ، وإلّا فالمرجع هي الاصول العمليّة (*).
وقد ذكرت بعض المرجّحات التي تكون من قبيل القرينة المنفصلة :
الأوّل : ما ذكره الشيخ الأنصاري قدسسره (١) وملخّصه أنّه إذا دار الأمر بين تقييد المادّة والهيئة ، وقلنا بإمكان تقييد الهيئة فتقييد المادّة أولى من تقييد الهيئة ؛ لأنّ إطلاق الهيئة شمولي وإطلاق المادّة بدلي ، وتقييد الإطلاق البدلي أولى من تقييد الإطلاق الشمولي.
ولا بدّ من الكلام في هذا المطلب صغرى وكبرى :
أمّا الصغرى فهي أنّ إطلاق الهيئة شمولي ؛ لأنّ الوجوب غير مقيّد بشيء من الأشياء ، فالوجوب حال طلوع الشمس متحقّق ، وحال غيبوبتها كذلك ، وحال نزول المطر وحال انقطاعه كذلك ، وعلى هذا جميع الأحوال ولكن إطلاق المادّة بدلي ؛ ضرورة أنّه لا يريد إلّا إكراما واحدا على سبيل البدل.
وأمّا الكبرى وهي أنّ تقييد الإطلاق البدلي أولى فقد ذكر الميرزا النائيني قدسسره (٢) له وجوها ثلاثة ، موجّها بها كلام الشيخ الأنصاري قدسسره بعد أن اختاره :
أحدها : أنّ قولنا : أكرم عالما ، مع قولنا : لا تكرم فاسقا إذا اطلقا في الكلام فكلّ منهما انعقد له ظهور ، الأوّل في لزوم إكرام عالم ما على البدل ، والثاني في حرمة إكرام الفاسق. وبما أنّ «لا تكرم فاسقا» ينحلّ إلى حرمة إكرام كلّ فرد من أفراد الفسّاق
__________________
(*) وتظهر الثمرة فيما لو دار أمر الواجب بين كونه معلّقا على أمر يعلم حصوله فيما بعد أو مشروطا بالشرط المقارن لتجب مقدّماته فعلا على الأوّل دون الثاني ، فتأمّل فهو دقيق. (الجواهري).
(١) انظر مطارح الأنظار ١ : ٢٥٢ ـ ٢٥٣.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٢٣٥ ـ ٢٣٦.