وقد ردّ الميرزا قدسسره (١) هذا الجواب بامور :
الأوّل : أنّ هذا إنّما يتمّ في الوضوء والغسل ؛ لوجود الأمر بهما ذاتا ، وأمّا في التيمّم فلا يتمّ ؛ إذ ليس التيمّم مستحبّا نفسيّا.
وفيه : أنّا نلتزم باستحبابه النفسي ؛ ضرورة أنّه قد ورد في الروايات : أنّ التراب أحد الطهورين (٢) كما ورد : أنّ التيمّم أحد الطهورين (٣) فهو طهور بموجب هذه الأخبار ، وقد قال الله في كتابه : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(٤) فثبت محبوبيّته النفسية بالدليل وبقوله : الطهور على الطهور نور على نور (٥) ، كما هو واضح لا يخفى.
الثاني : أنّ الأمر الاستحبابي ينعدم عند عروض الوجوب ؛ لاستحالة اجتماع الضدّين والأحكام متضادّة.
وفيه : أنّا لو قطعنا النظر عمّا نذكره غير بعيد من التوجيه لذلك ، ففيه : أنّ الطلب لا يرتفع وإنّما ترتفع رتبته الضعيفة ، فتتبدّل إلى رتبة أكيدة ، وحينئذ فيصحّ الإتيان بها بداعي ذات الطلب الموجود في مرتبة الاستحباب.
الثالث : أنّ الطهارات يصحّ الإتيان بها بقصد أمرها الغيري ولو لم يقصد المكلّف أمرها النفسي المتعلّق بها.
ودعوى أنّه لا يدعو إلّا إلى متعلّقه فلا حاجة إلى قصده ، غير مسموعة فيما لو كان ملاك العباديّة متقوّما بأمر نفسي ؛ ولذا لا يصحّ الإتيان بصلاة الظهر بقصد الأمر
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٥٤.
(٢) الوسائل ٢ : ٩٩٤ ـ ٩٩٥ ، الباب ٢٣ من أبواب التيمّم ، الحديث ١ و ٦.
(٣) الوسائل ٢ : ٩٩١ ـ ٩٩٢ ، الباب ٢١ من أبواب التيمّم ، الحديث الأوّل.
(٤) البقرة : ٢٢٢.
(٥) الوسائل ١ : ٢٦٥ ، الباب ٨ من أبواب الوضوء ، الحديث ٨ ، وفيه : الوضوء على الوضوء نور على نور.