الغيري المتوجّه إليها من صلاة العصر ؛ لأنّ شرطها تقدّم الظهر عليها ، ولو أتى بها كذلك كانت فاسدة ، بل لا بدّ من قصد أمرها الذي يكون مقوّما لملاك العباديّة وحينئذ فلا بدّ أن يكون ملاك عباديّة الطهارات هو الأمر الغيري ؛ ولذا تسقط لو قصده ، قال الاستاذ الخوئي أيّده الله : هذا الإشكال وارد وصحيح ، فتأمّل.
الجواب الثاني عن اعتبار قصد القربة في الطهارات ما ذكره الميرزا النائيني قدسسره (١) وملخّصه : أنّ اعتبار قصد القربة فيها إنّما نشأ من اشتراط الصلاة التي هي عبادة به ، فإنّ الأمر النفسي متوجّه إلى الصلاة بأجزائها وشرائطها ، فالأمر النفسي بالغاية هو منشأ عباديّتها.
وفيه : أنّه مبنيّ على مبناه من كون الشرائط داخلة تحت الأمر ، وقد ذكرنا أنّ ذات الشرط غير داخلة وإنّما الداخل تحت الأمر النفسي هو التقيّد ، وكيف يدخل الشرط تحت الأمر مع كونه ليس تحت الاختيار كالوقت والقبلة مثلا؟ ولو فرض اتّصافها بالوجوب النفسي كالأجزاء لاستحال اتّصافها بالوجوب الغيري كالأجزاء أيضا.
فالصحيح في الجواب أن يقال : إنّ الطهارات الثلاث بما هي عبادة مقدّمة فليست ذاتها هي المقدّمة بخصوصها ، بل هي جزء المقدّمة والجزء الثاني هو التقرّب بها إلى الله تعالى. والوجه في عباديّتها أمران على سبيل منع الخلو : إمّا أمرها النفسي المتعلّق بها وإمّا عنوان مقدّميّتها فإن أتى المكلّف بها بداعي أمرها النفسي الاستحبابي أو بداعي التوصّل بها إلى الأمر النفسي بذيها كان متقرّبا بها ، فإنّها حينئذ منسوبة إليه. وهذا لا يفرق فيه بين القول بوجوب المقدّمة والقول بعدم الوجوب كما هو الحقّ ، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى. وحينئذ فلا يرد إيراد
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٥٥.