أحدهما : ما استفاده استاذنا الخوئي ـ مد ظلّه ـ منه وهو الدور من ناحية الوجوب ، وملخّصه : أنّه لو اختصّ الوجوب بخصوص الموصلة للزم أن يكون قيد الإيصال شرطا للواجب ، والإيصال عنوان ينتزع من ترتّب ذي المقدّمة على المقدّمة ، وحينئذ فمنشأ الانتزاع يلزم أن يكون واجبا بوجوب المقدّمة ، فيكون ذو المقدّمة واجبا بوجوب مترشّح من المقدّمة ، وقد فرضنا أنّ وجوبها مترشّح منه فيلزم تقدّم وجوب كلّ منهما على الآخر ، فينتج تقدّم الشيء على نفسه وهو الدور.
والجواب عن هذا التقرير هو : أنّ الوجوب الذي ترشّح منه الوجوب الغيري للمقدّمة هو الوجوب النفسي ، والذي يترشّح من المقدّمة إليه هو الوجوب الغيري فلا دور ؛ إذ الموقوف عليه وجوب المقدّمة هو الوجوب النفسي وما ينشأ من المقدّمة هو الوجوب الغيري فلا دور. نعم يلزم أن يكون الواجب النفسي مجمعا لوجوبين :
أحدهما نفسي والآخر غيري وهذا لا بأس به ؛ إذ يتأكّد الوجوب على المشهور وملاكه على رأينا.
التقرير الثاني من تقريري الدور ما قرّره بعض المقرّرين لبحث الميرزا النائيني قدسسره (١) وهو الدور من ناحية المقدّمية. وملخّصه : أنّ الوجوب لو اختصّ بالمقدّمة الموصلة للزم كون ذي المقدّمة مقدّمة للمقدّمة وهو باطل ؛ إذ كونه ذا المقدّمة يقتضي تقدّمه على المقدّمة رتبة ، وكونه مقدّمة يقتضي تأخّره رتبة.
والجواب : أنّ الإيصال ليس قيدا للمقدّمة وإنّما هو قيد لوقوعها على صفة الوجوب ، فليس ذا المقدّمة قيدا للمقدّمة ومقدّمة له ، بل إنّ كلّ فرد من الموصل وغيره مقدّمة ولكنّ صاحب الفصول يدّعي أنّ الواجب حصّة خاصّة من المقدّمة ، وهي خصوص الموصلة ، فليس مقدّميّتها موقوفة كما ذكر ، بل قيد الإيصال شرط لوقوعها على صفة الوجوب ، فافهم.
__________________
(١) فوائد الاصول ١ ـ ٢ : ٢٩٠.