ومنها : ما لو توقّف الواجب على ترك عبادة كما لو توقّف الإزالة على ترك الصلاة بناء على أنّ ترك الضدّ مقدّمة لفعل ضدّه فتكون تلك العبادة فاسدة ؛ إذ النهي عنها مقتض لفسادها.
وقد قدّمنا أنّ ترك الضد ليس مقدّمة وأنّ الأمر التبعيّ لا ينشأ منه إلّا نهي تبعيّ وهو لا يقتضي الفساد.
ومنها : أنّه لو كانت المقدّمة واجبة شرعا لصحّ التقرّب بها ، بخلاف ما لو لم تكن واجبة بالوجوب الشرعي فإنّه لا يصحّ التقرّب بها.
والجواب : أنّ المقدّمة وإن لم تكن مأمورا بها شرعا [لكن] إذا جيء بها مسندة إلى المولى كانت مقرّبة ؛ إذ القربة عبارة عن الإسناد إلى الله لأمر قابل للإسناد ، وبما أنّ الشروع في المقدّمة شروع في ذي المقدّمة فهو قابل ، امر به شرعا أم لم يؤمر به شرعا.
ومنها : برء النذر فيما لو نذر إعطاء درهم لمن أتى بواجب شرعيّ فيما لو أعطاه للآتي بالمقدّمة على القول بوجوبها ، وعدم البرء على القول بعدم وجوبها.
والجواب أوّلا : أنّا ذكرنا أنّ الواجب هو المقدّمة التوأمة مع حصول ذي المقدّمة بعدها ، ومع حصول ذي المقدّمة يبرئ بإعطائه الدرهم على كلّ تقدير ، نعم لو نذر إعطاء درهم لمن أتى بواجبين شرعيّين تظهر الثمرة.
وثانيا : أنّ النذر يتبع قصد الناذر فإن قصد الأعمّ من النفسيّ وما هو مثل المقدّمة برء أيضا وإن لم يكن واجبا شرعا ، وإن قصد خصوص النفسيّ ـ كما هو المنصرف منه ـ لا يبرئ بالغيريّ وإن قيل بوجوبه. نعم لو قصد الإعطاء لمن أتى بواجب شرعي واقعا تظهر الثمرة.
وثالثا : أنّ ثمرة المسألة الاصولية هي استنباط الأحكام الشرعيّة لا تطبيق الكلّيات على الجزئيّات ، وكون هذا برءا أم لا من قبيل الثاني كما هو واضح ، فافهم.