ومنها : أنّه لو قلنا بوجوب المقدّمة اتّصف بالفسق تارك الواجب ذي المقدّمات العديدة ؛ لصدق الإصرار على الصغائر ، دون ما إذا لم نقل بوجوب المقدّمات.
وقد أجاب في الكفاية (١) عن هذه الثمرة بأنّ المكلّف بترك أوّل مقدّمة يسقط وجوب الواجب فيسقط وجوب بقيّة المقدّمات ، فلا يكون تركها حينئذ معصية ، فلا يكون حينئذ إصرار على الصغائر ، فلا يتّصف بالفسق على كلا التقديرين.
ولا يخفى أنّ الإصرار على الصغائر إن كان عبارة عن ارتكاب معاص متعاقبة كان جوابه متينا ، وأمّا إذا كان عبارة عن ارتكاب الصغائر المتعدّدة ولو دفعة فيمكن أن يقال بحصول الإصرار ؛ لأنّ امتناع الواجب حينئذ امتناع بالاختيار وهو لا ينافي الاختيار عقابا وإن نافاه خطابا ، فهو بتركه المقدّمة الاولى قد ترك الواجب بجميع مقدّماته فتترتّب حينئذ الثمرة.
فالصحيح في الجواب عن هذه الثمرة أن يقال : إنّ ترك الأمر الغيري لا يوجب معصية ؛ لأنّها من توابع القرب والبعد ، وليس في الأمر الغيريّ بما هو غيريّ قرب ولا بتركه بعد ؛ إذ هما من لوازم الأمر النفسيّ ، وحينئذ فهو لم يعص إلّا معصية واحدة بترك الواجب النفسي بالاختيار.
ومنها : أنّه لو قلنا بوجوب المقدّمة لم يصحّ أخذ الاجرة عليها ، بخلاف ما لو لم نقل بالوجوب فإنّه يجوز أخذ الاجرة عليها.
وقد أجاب الميرزا النائيني قدسسره (٢) عن هذا الإيراد بأنّ الوجوب لا ينافي جواز أخذ الاجرة على الواجب ؛ وذلك أنّ الواجب تارة : يكون هو المعنى المصدري وهو بذل العمل والمال مع بقاء ماليّتهما ، كالبذل للطعام في المخمصة ، فإنّ صاحبه يجب أن يبذله لكن لا يجب كون البذل مجّانيا ، وكذا الخياطة والحياكة والبناء فإنّه يجب كفاية بذلها لكن لا يجب بذلها مجّانا ، ومثل هذا لا مانع من أخذ الاجرة عليه.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٤.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٣٥٧.