واخرى : يكون الواجب هو الاسم المصدري الموجب لكون العمل مملوكا لله تعالى ، فإن كان عينيّا كالصلاة والصوم لم يجز أخذ الاجرة عليه. وإن كان كفائيّا غير قابل للنيابة فيه بأن اعتبرت فيه المباشرة فكذلك. وإن كان قابلا للنيابة كما في الجهاد لمريد الحجّ جاز أخذ الاجرة عليه. والمقدّمات في جميع ذلك تتبع ذا المقدّمة ، فإن جاز أخذ الاجرة في نفس ذي المقدّمة جاز فيها وإلّا فلا ، قلنا بالوجوب الشرعي فيها أم لم نقل.
ولا يخفى أنّ ما ذكره الميرزا قدسسره من تفرقته بين المصدر واسم المصدر ممّا تعطي التباين بينهما وليس كذلك ، بل هو أمر وحدانيّ ، وإنّما الفرق بينهما أنّه إن لوحظ المعنى الحدثي ماهيّة من ماهيّات العالم فهو اسم مصدر ، وإن لوحظ منتسبا فهو المصدر ، فالفرق بينهما اعتباري محض ليس إلّا وليس بينهما تباين أصلا ، والمطلوب في المقامين واحد وهو صدور الفعل من المكلّف في الخارج.
وأيضا زعمه تبع المقدّمة لذيها في جواز أخذ الاجرة وعدمها مما لم يعلم وجهه ؛ إذ لو فرض قيام الدليل على عدم جواز أخذ الاجرة على واجب كالصلاة فلا يلازمه عدم جواز أخذ الاجرة على مقدّماتها ، فلا بدّ من دليل يدلّ على ذلك.
فالصحيح في الجواب أن يقال : إنّ منافاة الوجوب لأخذ الاجرة إن كان من جهة منافاة الاجرة لقصد القربة والإخلاص فليس المانع فيه هو الوجوب ؛ إذ ذلك يأتي في المستحبّات أيضا وسيأتي الكلام فيه. وإن كان من جهة كونه مملوكا لله فالمملوكيّة بمعناها عندنا في إيجار الإنسان نفسه لعمل من الأعمال لم تثبت لله من الأدلّة ، وبمعنى الإحاطة فهو مالك لجميع ما في السماوات والأرض ، وبهذا المعنى لا تنافي أخذ الاجرة. فالصحيح أنّ مقتضى القاعدة جواز أخذ الاجرة على الواجبات إلّا أن يدلّ دليل على العدم كما ورد في الصلاة والصوم وما شاكلها. وحينئذ فلا ثمرة بين القول بوجوب المقدّمة وعدمه في جواز أخذ الاجرة ؛ إذ في الواجبات النفسيّة يجوز أخذها ما لم يدلّ دليل على العدم فكيف بالواجبات الغيريّة ، فافهم.