بخلاف ما لو لم نقل بالوجوب للمقدّمة فإنّها تكون فاسدة فيكون الواجب النفسيّ المتوقّف عليها فاسدا أيضا.
أقول : لا يخفى أنّه لا بدّ أن يكون مراد من ذكرها : ثمرة المقدّمة العباديّة كالوضوء والغسل والتيمّم ؛ إذ المقدّمة التوصّليّة لا يكون الواجب النفسي فاسدا لو أتى بها محرّمة.
وقد أجاب صاحب الكفاية (١) عنه بأنّ الواجب ليس هو عنوان المقدّميّة ، وسيأتي أنّ باب اجتماع الأمر والنهي لا بدّ فيه من عنوانين تقييديّين ، وعنوان المقدّمة عنوان تعليلي ، فليس هذا من باب الاجتماع أصلا بل هو من باب النهي عن العبادة وهو مقتض للفساد مطلقا ، قلنا بوجوب المقدّمة أم لم نقل.
ولا يخفى ما في هذا الجواب كما ذكره النائيني قدسسره (٢) فانّ المستدلّ لم يرد أنّ عنوان المقدّميّة عنوان تقييدي ليرد عليه ما ذكر ، بل مراده ما إذا وجب ذلك العمل بعنوان من العناوين وكان محرّما بعنوان آخر ، كما في الوضوء في الماء المغصوب أو في آنية الذهب ، فهو بعنوان الوضوء واجب وبعنوان الغصب حرام ، وحينئذ فعلى القول بالوجوب للمقدّمة وجواز الاجتماع فالعمل صحيح ، وعلى القول بالامتناع أو عدم وجوب المقدّمة فهو فاسد ، وحينئذ فالثمرة تامّة.
وقد أجاب الميرزا النائيني قدسسره (٣) عنها تبعا للآخوند في كفايته بأنّ المقدّمة إمّا منحصرة أو غير منحصرة ، فإن كانت منحصرة فلا بدّ للشارع من رفع اليد عن تحريمها أو عن وجوب الواجب النفسي ؛ ضرورة أنّ بقاءهما تكليف بما لا يطاق فيقدّم ما هو أهمّ منهما. وإن كانت غير منحصرة فالوجوب ينصرف إلى المباح ، وحينئذ فالمحرّم غير مأمور به فأين اجتماع الأمر والنهي؟
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٥.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٣٦٠.
(٣) أجود التقريرات ١ : ٣٥٨.