أقول : لا يخفى أنّه في صورة عدم الانحصار ـ لأيّ علة ـ يختصّ الوجوب بغير الحرام مع اشتراك الحرام وغيره بالوفاء بالغرض ؛ إذ على القول بجواز الاجتماع لا مانع ؛ إذ القيدان انضماميّان لا اتّحاديّان فهما طبيعتان منضمّتان انضمّت إحداهما إلى الاخرى ، نعم على القول بالامتناع فالطبيعتان متّحدتان ، وحينئذ فالثمرة بحالها ، وحينئذ فالمحرّم داخل في أفراد المأمور به على القول بجواز الاجتماع وتترتّب الثمرة ، فافهم.
وقد اختصّ الميرزا النائيني قدسسره بجواب لدفع هذه الثمرة وهو أنّها إنّما تتمّ لو اعتبرنا في صحّة العبادة قصد الأمر ، أمّا لو اكتفينا بقصد الملاك في صحّة العمل لم تظهر ثمرة أصلا ؛ لأنّها حينئذ تصحّ على الامتناع أيضا بقصد الملاك ؛ إذ سقوط الأمر لا يوجب انتفاء الملاك فلا ثمرة أيضا ؛ إذ العبادة صحيحة على القول بالجواز والامتناع.
وفيه أوّلا : أنّا قد ذكرنا فيما تقدّم أنّه بأيّ طريق احرز الملاك في المقام؟
وثانيا : أنّ الملاك على تقدير تحقّقه واكتشافه إنّما يجدي في صحّة العمل حيث لا يكون العمل مبغوضا ومزاحما بملاك أقوى وهو في المقام كذلك ؛ إذ على الامتناع يكون مبغوضا ؛ للنهي عنه الكاشف عن الملاك في الترك ، فلم يتمّ هذا الجواب أيضا.
فالصحيح في الجواب عن هذه الثمرة أن يقال : إنّ المقدّمة التي هي عبادة منحصرة في الطهارات الثلاث ، فإن قلنا بأنّها ذوات أوامر نفسيّة مع قطع النظر عن الأمر الغيري ، فسواء قلنا بوجوب المقدّمة أم لم نقل فالطهارات صحيحة لو قصد أمرها النفسي الاستحبابي على القول بالجواز ؛ إذ لا يفرّق القائل بجواز الاجتماع بين أن يكون المجامع للنهي الأمر الوجوبي أم الاستحبابي ، فصحّتها على القول بالجواز غير مبنيّة على القول بوجوب المقدّمة بل وإن لم نقل بوجوبها ؛ إذ الأمر الاستحبابي كاف في الصحّة ، وإن لم نقل بالأمر الاستحبابي لها فقد ذكرنا أنّه لا يعتبر في كون الفعل مقرّبا أزيد من أن يفعل مضافا إلى الله ومسندا إليه ، كان به أمر أم لا.