وحينئذ فعلى القول بجواز الاجتماع يصحّ العمل ؛ إذ ليس لفظ اجتماع الأمر والنهي بخصوص أمر ونهي محلّا للكلام ، بل المراد به المقرّب المنهيّ عنه يصحّ أم لا ، فبناء على الجواز وكون التركيب انضماميّا لا اتّحاديّا وأنّهما شيئان لا واحد فتكون المقدّمة إذا اتي بها مضافة إلى المولى ومسندة إليه مقرّبة فتصحّ حينئذ ويصحّ العمل المشروط بها ، سواء قلنا بوجوب المقدّمة أم لم نقل بوجوبها وحينئذ فلا ثمرة للقول بوجوب المقدّمة في شيء أصلا.
ومنها : أي ومن جملة [الثمرات] ما ذكره بعضهم (١) من أنّه إذا أمر زيد عمرا بعمل له مقدّمات ، فعمل عمرو وبعض المقدّمات ثمّ لم يأت بذي المقدّمة اختيارا أو لعجزه عنه ، فإن قلنا بأنّ الأمر بالشيء أمر بمقدّماته كان على زيد أن يسلّم لعمرو واجرة مثل هذه المقدّمات التي عملها ، وإن لم نقل بأنّ الأمر بالشيء أمر بمقدّماته لا يستحقّ عمرو اجرة مثل عمله ؛ لأنّه لم يأمره بالمقدّمات ؛ إذ الأمر بالشيء ليس أمرا بمقدّماته. فهذه ثمرة هذا البحث.
والجواب أوّلا : أنّ هذه الثمرة إنّما تتمّ لو قلنا بوجوب مطلق المقدّمة كما ذهب إليه صاحب الكفاية قدسسره ، وأمّا إذا قلنا بوجوب خصوص الموصلة فلا يستحقّ اجرة المثل على كلا التقديرين.
وثانيا : أنّ لزوم الاجرة على زيد لو أمر عمرا بعمل ليس مدلول رواية أو آية ليتمسّك بإطلاقها وإنّما هو بالسيرة العقلائيّة مع إمضاء الشارع لذلك ، وحينئذ فإن اقتضت السيرة لزوم الاجرة على المقدّمات لزمت زيدا الاجرة ، قلنا بوجوب المقدّمة أم لم نقل ؛ إذ دليل لزوم الاجرة هو السيرة ، وإن لم تقتض السيرة لزوم الاجرة لم تلزم ، قلنا بوجوب المقدّمة أم لم نقل. وحينئذ فلا ثمرة لبحث وجوب المقدّمة أصلا.
__________________
(١) لم نعثر عليها بعينها.