ثانيهما : أنّه قد يقال بأنّ الضدّين في المقام دائما ليس لهما ثالث باعتبار أنّ الضدّ للواجب هو عنوان أحد الأضداد الوجوديّة الأخر ، وهما حينئذ ليس لهما ثالث ، باعتبار أنّ الخارج لا يخلو منه أو من أحد الأضداد الوجوديّة الأخر.
وهذا الكلام فاسد من أصله ؛ إذ التضادّ إنّما هو بين نفس الصلاة ونفس الأكل والشرب والنوم والإزالة وغيرها ، لا بين الصلاة وأحد الأضداد الوجوديّة الأخر ، الذي هو عنوان انتزاعي من مجموع الأضداد ، وإن سلّمنا أنّ السواد بمراتبه ضدّ للبياض ، وأنّ جامع السواد هو الضدّ ولكنّه جامع حقيقي ، بخلاف أحد هذه الامور.
هذا ، مضافا إلى أنّه لو كان جميع الأضداد من قبيل ما لا ثالث له فقد ذكرنا عدم الاقتضاء حتّى في النقيض كما تقدّم في الضدّ العام بمعنى الترك ، فلا اقتضاء للأمر بالشيء للنهي عن النقيض فضلا عن الضدّ.
بقي الكلام في بقيّة أقسام التقابل وهو تقابل المثلين وتقابل العدم والملكة :
أمّا تقابل المثلين فهو داخل في تقابل الضدّين ؛ إذ قد ذكرنا أنّ المراد بالضدّ مطلق المعاند والمنافر في الوجود ، ولا ريب أنّ المثل كذلك وكثيرا ما يعبّر الفقهاء عن المثلين بالضدّين في الكتب الفقهيّة بهذا اللحاظ.
وأمّا تقابل العدم والملكة فداخل في النقيضين ؛ إذ العدم والملكة هما عبارة عن الوجود والعدم مع اشتراط قابليّة المحلّ على ما مضى من القابليّة وتفسيرها ولو بالقابلية الجنسيّة كما مرّ.
هذا تمام الكلام في بيان عدم اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن الضدّ الخاصّ من جهة الملازمة.
وأمّا بيان عدم الاقتضاء من جهة المقدّمية فالاقتضاء مبنيّ على مقدّمتين :
الاولى : أنّ وجود الضد مانع عن الضدّ الآخر.
والثانية : أنّ عدم المانع من المقدّمات ، فإن تمّت هاتان المقدّمتان وثبت أنّ مقدّمة الواجب واجبة ، فيجب عدم المانع فيحرم الضدّ.