الرابع : أنّ وجود أحد الضدّين موقوف على عدم ضدّه ولكنّ العدم ليس موقوفا على وجود ضدّه بل [على عدم](١) العلّة (٢).
الخامس : توقّف وجود أحد الضدّين على عدم الضدّ الموجود لا مطلق الضدّ وهذا القول منسوب إلى المحقّق الخونساري (٣).
ولا ريب أنّ أصحّ الأقوال أوّلها وهو نفي المقدّميّة من كلا الطرفين.
وقد ذكر في منع المقدّميّة وجوه :
أحدها : ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره (٤) وملخّصه : أنّ بين أحد الضدّين والضدّ الآخر كمال المنافرة ، ولكن بين الضدّ وما هو نقيض الآخر كمال الملاءمة ، فلا يكون عدم الضدّ مقدّمة لوجود ضدّه.
وهذا الكلام لم نعرف له معنى محصّلا ؛ إذ إنّه إن أراد بكمال الملاءمة المذكورة كمال الملاءمة في الخارج فكلّ معلول مع أجزاء علّته ملتئم وليس بينهما منافرة. وإن أراد كمال الملاءمة في الرتبة فهو أوّل الكلام. وبالجملة فكمال الملاءمة خارجا لا يضرّ بكون وجود الضدّ مانعا ؛ إذ عدم المانع ملائم لوجود المعلول في الخارج وكذا بقيّة أجزاء العلّة ، وكمال الملاءمة رتبة إن تمّ فهو كاف في منع المقدّميّة إلّا أنّه أوّل الكلام.
ثانيها : ما ذكره في الكفاية أيضا (٥) وهو : أنّ بين النقيضين اتّحادا في الرتبة ، فبين وجود الشيء وعدم نفسه اتّحاد في الرتبة ، وبما أنّ استحالة اجتماع الضدّين تؤول إلى
__________________
(١) في الأصل : لعدم.
(٢) نسب إلى الجمهور كما في الضوابط : ٩٧ ، وإلى الأكثر كما في المطارح ١ : ٤٩٩ ، وعليه يبتني شبهة الكعبي من نفي المباح كما في الفوائد ١ : ٣٠٦.
(٣) انظر الرسائل للمحقّق الخونساري : ١٥٠ ـ ١٥١ ، والمطارح ١ : ٤٩٩ و ٥٠٩.
(٤) كفاية الاصول : ١٦١.
(٥) كفاية الأصول : ١٦٣.