في الحكم في عالم الثبوت لا في عالم الإثبات ، وفي مقام الجعل لا في مقام الامتثال ، ومعلوم أنّ ميزان الفرق بينهما هو ذلك ، فإنّ التزاحم هو التنافي في مقام الثبوت ، والتعارض هو التنافي في مقام الإثبات وبين الدليلين كما هو واضح.
وبتقريب آخر : أنّ ملاك العمل الارتباطي الواحد واحد ، فمع فرض العجز عن بعض أجزائه أو شرائطه فمقتضى القاعدة فوات الملاك إن كان لكلّ منها دخل فيه حتّى حال العجز ، وهو خلاف الفرض ؛ لكون الصلاة لا تسقط بحال ، وعدم دخلها يوجب أن [يكون](١) له ترك كليهما ؛ لعدم دخلهما في الملاك. وهو خلاف الفرض أيضا فيبقى احتمالان : أحدهما دخل الجامع بينهما في الملاك. الثاني دخل أحدهما بخصوصه ، فيدور الأمر بين التعيين والتخيير والمختار فيه البراءة من الخصوصيّة فيجب الجامع بينهما ، وكذا إذا احتمل الخصوصيّة في كلّ منهما واحتمل وجوب الجامع أيضا فتجري البراءة من كلّ من الخصوصيّتين. ولا يخفى أنّه إذا علمت الخصوصيّة في أحدهما من غير تعيين فلا بدّ من تكرار العمل احتياطا بكلّ من الخصوصيّتين للعلم الإجمالي.
وحينئذ فدوران الأمر بين أجزاء العمل الواحد يتصوّر بوجوه :
أحدها : أن يدور الأمر بين جزءين قد تثبت جزئيّتهما بدليل واحد أو شرطين كذلك أو جزء وشرط كذلك كالقيام في الركعة الاولى والقيام في الركعة الثانية ، وكالطمأنينة في الركوع الأوّل أو الثاني ، ولا ريب في كون مقتضى القاعدة بعد سقوط الأمر بالمركّب منهما معا وقيام الدليل على لزوم الباقي هو التخيير بينهما من دون فرق بين السابق واللاحق أصلا ، نعم لو ظهر من الدليل تدريجيّة الجزء بحيث استفيد منه لزوم صرف القدرة في الأسبق بحسب الوجود تقدّم الأسبق كما هو غير بعيد في خصوص القيام ؛ لقوله : «إذا قوي فليقم» (٢).
__________________
(١) زيادة باقتضاء السياق.
(٢) الوسائل ٤ : ٦٩٨ ، الباب ٦ من أبواب القيام ، الحديث ٣.