أقول : إنّ هذه الثمرة كسابقتها غير تامّة ، فإنّه كما يتخيّر المكلّف على التخيير الشرعي كذلك يتخيّر على التخيير العقلي أيضا ؛ لفرض التساوي بين الملاكين وسقوط إطلاق كلا الخطابين وتقييده بترك الآخر ولو في ظرفه سابقا أو لاحقا ، فله أن يترك التصدّق هذا اليوم ويتصدّق غدا ، وله أن يتصدّق هذا اليوم ويترك غدا ولا مقتضي لترجيح التصدّق هذا اليوم ، غاية الأمر أنّ وجوب التصدّق يكون مشروطا بالشرط المتأخّر تارة ، والمتقدّم اخرى فليست هذه ثمرة.
ثمّ إنّ الميرزا قدسسره (١) ذكر ما إذا تردّد أمر المكلّف بين جزء لواجب أو شرط لواجب آخر ، فذكر كلّيات كتقديم الركن على غيره وكتقديم الجزء على الشرط وتقديم الجزء على وصف الجزء في الأداء ، وما ذكره قدسسره إن دلّ الدليل التعبّدي عليه فهو ، وإلّا فصرف كونه ركنا لا يقضي بأهميّته مثلا.
بقي الكلام فيما ذكره الميرزا قدسسره (٢) من إعمال تراجيح التزاحم بين القيام مثلا في الركعة الاولى والقيام في الركعة الثانية من الصلاة ، وكذا غير القيام من أجزاء العمل الواحد أو شرائطه ، والظاهر أنّ ذلك ليس داخلا في باب التزاحم ؛ لأنّ الخطاب واحد متّجه نحو العمل بتمام أجزائه وشرائطه ، فإن تعذّر الجزء أو الشرط فلا وجوب ـ لو لا عدم سقوط الصلاة بحال ـ فيجب الباقي ، فإذا تردّد المكلّف بين ترك القيام ويأتي بالركوع والسجود ، وبين ترك الركوع والسجود والإتيان بالقيام فيومئ لهما كما قد يتّفق في ركوب القطار.
فحينئذ المكلّف يعلم بأنّ الصلاة المشتملة على القيام والركوع والسجود ساقطة في حقّه قطعا ، وقطعا أيضا يجب عليه صلاة مردّدة بين أن تكون ذات ركوع وسجود ولكنّها فاقدة للقيام ، أو ذات قيام لكنّها فاقدة للركوع والسجود إلّا إيماء ، فالشكّ في أصل الجعل وهو من مصاديق باب التعارض لا التزاحم ؛ لكون الكلام
__________________
(١ و ٢) انظر أجود التقريرات ٢ : ٥٠.
(١ و ٢) انظر أجود التقريرات ٢ : ٥٠.