ـ من لزوم السنخيّة بين العلّة والمعلول ـ شاملا له أصلا ، فإنّ من طلب حرارة بدنه يمكن أن تحقّق بمقابلة الشمس وبمواجهة النار وبشرب الشاي وبالحركة السريعة وبالغضب وبمقابلة القوّة الكهربائيّة وبالسرور الكثير وبلبس الصوف وغير ذلك ، فإنّ الواحد مستند إلى جميع هذه ، وليس هذا إلّا لأنّ الوحدة بالنوع والسنخيّة حاصلة بين كلّ سبب وفرد من أفراد حرارة الجسم ، وإلّا فأيّ جامع هو ماهوي بين هذه الامور المذكورة؟ وكيف يعقل الجامع الماهوي بين الجوهر كالنار والعرض كالحركة مثلا؟
وثانيا : أنّ مثل هذا الجامع الذي لا يدركه عامّة الناس غير قابل لأن يوجّه الوجوب نحوه ؛ لأنّ الوجوب إنّما يتوجّه نحو المفاهيم التي يفهمها العرف.
وأمّا الشقّ الثاني : فكون غرضين متعاندين بحسب ذاتيهما بحيث مع استيفاء أحدهما لا يمكن استيفاء الآخر أنياب أغوال لا واقع له وإنّما هو صرف تصوّر لا واقع له ولا حقيقة ، [هذا أوّلا].
وثانيا : إن فرضناهما متنافيين حيث يقعان متعاقبين فيجب على المولى إيجاب إتيانهما عرضا حيث يمكن محافظة على الغرضين معا ، وإن فرضناهما متنافيين مطلقا حتّى عرضا فلازمه عدم حصول واحد من الغرضين لو أتى بهما معا ؛ لأنّ تنافيهما يوجب عدم تحقّقهما في الخارج حيث يوجد السببان معا ، وممّا لا ريب فيه أنّ الواجبات التخييريّة ممّا تسقط لو أتى بخصلتين دفعة واحدة ، فليس ما ذكره منطبقا على الواجبات التخييريّة التي عندنا.
وذهب الميرزا النائيني قدسسره إلى أنّ الواجب التخييري هو ما توجّه الوجوب فيه إلى واقع أحدهما ، وذكر أنّ الإرادة التكوينيّة تفترق عن الإرادة التشريعيّة باشتراط كون متعلّقها شخصيّا بخلاف التشريعيّة فإنّها تتعلّق بالكليّات غالبا وأيضا تفترق بهذا وهو أنّها ـ أي التكوينيّة ـ لا بدّ أن تتعلّق بمشخّص ، والتشريعيّة تتعلّق بفرد مردّد في الواقع (١).
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ١ : ٢٦٦.