فرد غير مزاحم جوّز توجّه الأمر بالطبيعة ، وبعد توجّه الأمر بالطبيعة ففي أيّ فرد تحقّقت الطبيعة كان الانطباق قهريّا ، وسقوط الأمر عقليّا ، والقدرة إنّما تعتبر في المأمور به عقلا (١).
ولكن الميرزا النائيني قدسسره (٢) حيث زعم أنّ القدرة إنّما تعتبر من نفس الأمر ـ بدعوى أنّه لا يتوجّه نحو غير المقدور ، فلا يكون الفرد المحرّم محلّا للأمر أصلا ، بل يكون المأمور به هو الحصّة المقدورة من الطبيعة ليس إلّا ، فلا يكون الممنوع عنه شرعا مأمورا به أصلا ـ زعم تحقّق التزاحم أيضا بين خطاب الوجوب وخطاب التحريم. فإن قدّمنا جانب الوجوب ـ يعني قدّمنا الأمر ـ فلا كلام في صحّة العبادة حينئذ ، لسقوط إطلاق النهي حينئذ. وإن قدّمنا جانب التحريم ؛ لأنّ عموم النهي شمولي وعموم الأمر بدلي ، فيكون هذا الفرد المتّحد مع الحرام ولو مسامحة منهيّا عنه ، فيخرج عن حيّز الأمر ؛ لعدم كونه مقدورا ، والمفروض أنّ الأمر لا يتوجّه إلّا نحو المقدور. ومن هنا ذهب الميرزا النائيني قدسسره (٣) إلى فساد الصلاة في الدار المغصوبة مع المندوحة مع بنائه على جواز اجتماع الأمر والنهي وأنّ التركيب انضمامي.
أقول الكلام مع الميرزا النائيني قدسسره يقع في مقامين :
الأوّل : في المبنى المذكور وهو كون الأمر مقتضيا لمقدوريّة متعلّقه ، بل إنّ المقدوريّة إنّما تعتبر لقبح تكليف العاجز ، فالأمر بالطبيعة ممكن إذا قدر على بعض أفرادها ، وقد مرّ تفصيل الكلام في ذلك في مبحث الترتّب.
الثاني : في أنّا لو سلّمنا هذا المبنى إلّا أنّ هذه الكبرى الكلّية غير منطبقة على المورد ؛ لأنّا بعد أن فرضنا أنّا قائلون بجواز اجتماع الأمر والنهي ـ ومعناه كون
__________________
(١) انظر جامع المقاصد ٥ : ١٣ ـ ١٤.
(٢) انظر أجود التقريرات ٢ : ١٢٦.
(٣) انظر أجود التقريرات ٢ : ١٧٧ ـ ١٨١.