ولكن لا يخفى أنّ ربّما لا تجديه ؛ إذ أيّ مثبت لكون الصلاة والغصب من ذلك القبيل ، بل لا بدّ له من إثبات كلّيتها ليكون المورد من مصاديق تلك الكلّية ، فإنّ الشكل الأوّل من القياس لا بدّ فيه من كلّية الكبرى حتّى ينتج ، ومن هنا ذهب الميرزا النائيني قدسسره (١) إلى أنّ تعدّد العنوان الذي يكون متعلّقا للأمر والنهي كافل بتعدّد المعنون.
وتوضيح ذلك : أنّ المأمور به والمنهيّ عنه قد يكون حقيقة واحدة كالإكرام ـ مثلا ـ إلّا أنّ محلّ الإكرام معنون بعنوان العالم مثلا في صورة الأمر بالإكرام ، وبعنوان الفاسق في صورة النهي عن الإكرام ، ففي مثل ذلك تكون الجهات تعليليّة ، وهي لا تقتضي تعدّد المعنون فإنّ زيدا العالم الفاسق واحد حقيقة وماهيّة ، ولكنّه يكون مصداقا لوجوب الإكرام ؛ لأنّه عالم ، ومصداقا للتحريم ؛ لعلّة كونه فاسقا ، ولهذا سمّيت هذه الجهات جهات تعليليّة. ومثل هذا المثال خارج عن مبحث اجتماع الأمر والنهي قطعا وإن ذكر صاحب الكفاية قدسسره في التنبيه الثالث من تنبيهات الباب (٢) لحوق تعدّد الإضافات بتعدّد الجهات ، وجعل مثل أكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق من موارد الاجتماع في العالم الفاسق ؛ ولذا ترى الفقهاء يعاملون مثل هذا في موارد العموم من وجه في مورد الاجتماع معاملة المتعارضين ، فإمّا الترجيح أو التساقط ، ولم نر من زعم كونه ممتثلا عاصيا مع كثرة الذاهبين منهم إلى الجواز كما هو واضح. وقد يكون زيد هذا مصداقا لألف عنوان ككونه عالما فاسقا طويلا هاشميّا أبيضا أبا يزيد بن عمر أخا بكر إلى غير ذلك من العناوين المتكثّرة التي لا ينثلم بها وحدة المعنون كلّية أصلا ، بل هو واحد فهو نفس العالم الفاسق الطويل الأبيض إلى آخر.
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٢ : ١٣٦.
(٢) كفاية الاصول : ٢١٦.