نعم ، مبادئ هذه الامور متباينة فإنّ العلم غير الفسق ؛ ومن هنا قيل باستحالة صدق بعض الأعراض على البعض الآخر (١) إلّا أنّ الإكرام المتعلّق بهذه الذوات واحد ليس بمتعدّد.
وقد يكون متعلّق الأمر والنهي متعدّدا كما في «صلّ» و «لا تغصب» وهذا هو محلّ اجتماع الأمر والنهي ، ولكن تعدّد العنوان مقتض لتعدّد المعنون فيها ؛ فإنّ الصلاة الصادقة حيث لا غصب صادقة حال الغصب أيضا ، والغصب الصادق حيث لا صلاة صادق حال الصلاة أيضا ، فلا بدّ حينئذ من القول بجواز اجتماع الأمر والنهي.
ومجمل ما أفاده : أنّ العناوين إن كانت تعليليّة ـ بمعنى كون ثبوتها للذات معلولا لعلّة ـ فهي لا تقتضي تعدّد المعنون ، ولا ينثلم بتكثّرها وحدته كما في عنوان العالم والفاسق والطويل والأبيض إلى غير ذلك ، فإنّ صدق العالم على ذات زيد لعلّة حلول العلم بها ، وكذلك صدق الفاسق عليه إنّما هو لعلّة قيام الفسق به إلى غير ذلك ، ومثل هذا خارج عن باب الاجتماع وعن حكمه أيضا.
أمّا إذا كانت العناوين تقييديّة ـ بمعنى كون ثبوتها للذات غير معلول لعلّة ـ فمثل هذه هي باب الاجتماع والحكم فيها جواز الاجتماع ، وهذا نظير الصلاة والغصب فإنّ ثبوت الصلاتيّة للصلاة ليس معلولا لشيء ، وكذا ثبوت الغصبيّة للغصب ، ونظير صفة العلم والفسق فإنّ ثبوت صفة العلم للعلم والفسق للفسق تقييدي ، بمعنى كونه ذاتيّا غير معلول لشيء ، وبما أنّ هذه يستحيل انطباق عرضين فيها على معروض واحد ، فحيث يصدق العنوانان فهو كاشف عن تحقّق معنونيهما ، وحينئذ فهما موجودان ، فلا مانع من توجّه الأمر نحو أحدهما وتوجّه النهي نحو الثاني منهما ، ولا يلزم اجتماع للضدّين.
__________________
(١) انظر الأسفار الأربعة ٤ : ٣.