مدلولة للنهي وإلّا فهي ـ يعني المسألة ـ أجنبيّة عن مباحث الألفاظ ؛ إذ لا دلالة للنهي المولوي المبحوث عنه في المقام على الفساد من حيث نفسه. نعم من حيث لازمه وهو الحرمة.
نعم ، إذا كان النهي إرشاديّا إلى مانعيّة المنهيّ عنه كان دالّا على فساد العمل حيث يقترن بذلك المنهيّ عنه كدلالة الأمر الإرشادي إلى الجزئيّة على فساد المركّب الخالي من ذلك الجزء ، وهذه الدلالة في المقامين مستندة إلى مدلول لفظ النهي والأمر لفقد المركّب بفقد جزئه والمشروط بفقد شرطه وهو عدم المانع ، ولكن هذا النحو من النهي الإرشادي ليست دلالته على الفساد محلّا للمناقشة أصلا ، بل هي مسلّمة عند الخاصّ والعامّ.
الجهة الثالثة : هل النهي المبحوث عنه في المقام خاصّ بالنفسي أم يعمّ الغيري؟ وعلى الأوّل فهل يختصّ بالتحريمي أم يعمّ التنزيهي؟ صرّح صاحب الكفاية قدسسره بعموم الملاك للغيري والنفسي بقسميه (١).
والظاهر : الاختصاص بالنفسي التحريمي وقسم من التنزيهي دون الغيري والقسم الآخر من التنزيهي.
أمّا خروج الغيري فواضح ؛ لأنّه لا ينشأ عن مفسدة في المنهيّ عنه إذ لا يوجب قربا ولا بعدا فلا يفيد تحريما ليقع الكلام في الملازمة بينها وبين الفساد كما هو واضح ، مضافا إلى أنّا ذكرنا في بحث الضدّ (٢) تصحيح الضدّ المنهيّ عنه عرضا من جهة كون تركه مقدّمة لفعل الضدّ الأهمّ بالترتّب ، وصحّحها في الكفاية (٣) بالملاك كما تقدّم ، وتقدّم الإشكال في الملاك.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢١٨.
(٢) راجع الصفحة : ٣٩٧ ـ ٣٩٩.
(٣) انظر الكفاية : ١٦٦.