الثاني : أنّها بمعنى ترتّب الأثر المقصود المحبوب من ذلك المركّب فإنّ المصلّي إنّما يقصد فراغ ذمّته من التكليف وهو أثر مرغوب مترتّب على المركّب ، ومن يبيع يقصد ترتّب الأثر وهو النقل والانتقال وهو محبوب ومقصود لذلك الشخص من ذلك المركّب ، فافهم. فظهر : أنّ القابل للاتّصاف بالصحّة والفساد هو العبادات والمعاملات بالمعنى الأعمّ بنحو يشمل الامور القصديّة كما مرّ.
وأمّا الكلام في المقام الثاني : وهو بيان أنّ الصحّة والفساد أمران انتزاعيّان أم مجعولان ، ربّما يقال بأنّهما انتزاعيّان من المطابقة للمأتيّ به مع المأمور به وعدمها والمطابقة وعدمها أمر واقعي فهما منتزعان من الأمر الواقعي فهما واقعيّان. وربّما يقال بالتفصيل ـ كما في الكفاية ـ بين العبادات فهما انتزاعيّان ؛ لأنّ المطابقة وعدمها في العبادات واقعي ، وبين المعاملات فهما جعليّان ؛ لأنّ ترتّب الأثر فيها مجعول من قبل الشارع (١) والظاهر : أنّ ترتّب الأثر فيها إنّما هو أيضا من جهة انطباق ذلك الكلّي الذي جعله الشارع محقّقا للأثر على المعاملة المأتيّ بها ، فهما من هذه الجهة من واد واحد.
والظاهر : التفصيل بين أن يكون المأتيّ به بحسب الواقع منطبقا على المأمور به كما إذا أتى بالمركّب بتمام أجزاءه وشرائطه خاليا عن موانعه واقعا فالصحّة أمر انتزاعي من ترتّب الأثر المتحقّق بالانطباق الواقعي ، وبين أن يكون انطباق المأتيّ به على المأمور به جعليّا كما إذا حكم الشارع بتحقق الانطباق بمقتضى قاعدة التجاوز أو الفراغ فالصحّة أمر مجعول من قبل الشارع بجعله المورد من موارد الانطباق الواقعي تعبّدا. وإلى هذا الحدّ من التفصيل نشترك مع الميرزا النائيني قدسسره في التفصيل (٢) ونفترق في أنّ الصحّة المجعولة إن ظهر بعد ذلك الخطأ في الانطباق وإنّه لم يكن آتيا بما
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٢٢.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٢٠٩.