ذلك الإطلاق فيتمسّك بالعموم فيه لعدم إحراز الملازمة بين الحرمة المحقّقة والفساد. وإن شئت قلت : إنّ العموم شامل والشكّ في التخصيص.
وأمّا العبادات فحيث إنّها توقيفيّة فالأصل فيها الفساد لحرمة التشريع ، فالعبادة التي تكون منهيّا عنها تكون فاسدة وإن كان هناك عموم يقتضي تشريعها ؛ لأنّ العموم يقتضي شمول تمام الأفراد وهو مع تحريم البعض لا يمكن ؛ إذ تشريع كلّ فرد مع المنع عن بعض الأفراد لا يجتمعان فلا بدّ من كون النهي مخصّصا لهذا الفرد من العموم ، وحينئذ فلا تشريع ؛ إذ تخصيص أدلّة التشريع توجب عدم تشريع هذا الفرد ، فيكون هذا الفرد خارجا عن تحت الأمر والعمل الغير المأمور به فاسد.
بقي الكلام في أنّه يمكن أن يؤتى به بالملاك أم لا؟ الظاهر العدم لعدم إحراز الملاك ، فإنّ الأمر محرز للملاك فحيث لا أمر كيف يحرز الملاك. وكونه من قبيل الأفراد الواجدة للملاك لا يقتضي وجدانه ؛ لأنّا نرى الأفراد مختلفة فبعضها ذات ملاك ملزم كصوم شهر رمضان وبعضها ذا ملاك غير ملزم كصوم رجب وشعبان وبعضها فاقدة للملاك أو أنّ ملاكها مزاحم بمفسدة أقوى حتّى نهى عنه الشارع فلا ملاك يمكن أن يصحّح العمل. وهذا المقدار من الكلام هو المناسب للمقام ، وما زاد على هذا خروج عن محلّ الكلام.
الجهة السابعة : في أنّ النهي تارة يتوجّه إلى ذات العبادة باعتبار تخصّصها بخصوصيّة من زمان كصوم يوم العيد ، أو مكان كالصلاة في المغصوب ، أو شخص كصلاة الحائض ، ولا ريب في أنّ هذا داخل في محلّ النزاع.
واخرى يكون نهيا عن جزء العبادة ، فإن كان من قبيل الرياء فهو مفسد قطعا لقوله : إذا دخل الرياء عملا أفسده (١) وإن لم يكن من قبيل الرياء : فإن كان
__________________
(١) لم نقف عليه في المجامع الروائيّة بل هو مضمون الروايات الواردة في مبطليّة الرياء للعمل ، انظر الوسائل ١ : ٤٣ ـ ٥٤ ، الباب ٨ و ١١ و ١٢ من أبواب مقدّمة العبادات ، ومستدرك الوسائل ١ : ٩٨ ـ ١١٤ ، الباب ٨ و ١١ و ١٢ من أبواب مقدّمة العبادات.